لندن- رياضة العرب
من المعروف أن احتراف كرة القدم يُعتبر بكل تأكيد عملاً بدوام كامل، لكن من يظن أن نجوم المستديرة الساحرة يفضلون دائماً قضاء أوقات فراغهم بعيداً عن كل ما له علاقة بالأهداف والتمريرات والخطط التكتيكية فهو واهم كلياً. وخير مثال على ذلك يقدّمه أبطال العالم الألمان أمثال باستيان شفاينشتايجر وماريو جوتزي ولوكاس بودولسكي الذين تقمّصوا دور المتفرج أمام شاشة التلفاز مثل سائر الأنصار ليتابعوا بحماسة شديدة المنتخب الألماني لكرة اليد وهو يفوز باللقب خلال البطولة الأوروبية التي أقيمت في بولندا ويعبّروا عن فرحتهم الكبيرة على مواقع التواصل الإجتماعي.
وصرّح داجور سيجوردسون مهندس هذا النجاح العظيم في حوار مع موقع FIFA.com قائلاً “علمنا بذلك وأخبرونا أن المساندة كانت كبيرة جداً.” كما أكد أن ذلك يبرز القيمة العالية التي تتمتع بها كرة اليد في ألمانيا.
كان ابن الثانية والأربعين قريباً من أن يشق طريقه في عالم كرة القدم غير أنه قرّر في صغره أن يكون مستقبله مع كرة أصغر، وهو ما تبين لاحقاً أنه القرار الصائب. فقد خاض أكثر من 200 مباراة مع أيسلندا وشارك في النهائيات العالمية والبطولة الأوروبية إلى جانب الألعاب الأوليمبية. ويتذكر سيجوردسون قائلاً “كنت ألعب كلتا الرياضتين بمتعة وسرور كبيرين ولم أتصور أنني سأخوض مسيرة احترافية،” مضيفاً “قرّرت اختيار كرة اليد لأن الكثير من أصدقائي كانوا يمارسونها.”
وكان بإمكان هذا الأيسلندي الذي تولى عام 2014 الإدارة الفنية لمنتخب ألمانيا لكرة اليد بدون شك أن يصبح لاعباً جيداً في مركز وسط الدفاع أو في الوسط الدفاعي، خاصة أنه وقّع على سبع مشاركات مع فريق تحت 17 سنة لمنتخب بلاده. وعلق بهذا الخصوص بالقول “ربما كنت سأنجح في اللعب لمنتخب كرة القدم، لكنني راض عن مسيرتي في كرة اليد.”
سواء كان الفريق غير مرشح أم لا، عندما تطلق صافرة البداية لا يلعب ذلك أي دور. لدينا فريق شاب وضعنا فيه ثقتنا. ولقد تمكنا من تحقيق مرادنا.
وما زال شغفه للكرة الأكبر حاضراً إلى غاية اليوم، فهو يحبّ الذهاب إلى ملعب كرة القدم بمدينته الأصلية برلين من أجل مشاهدة مباريات نادي هيرتا برلين الذي ينشط في دوري البونسدليجا. علاوة على ذلك، يقوم من حين لآخر بزيارات إلى إنجلترا للإستمتاع بمباريات كرة القدم هناك. وأفصح قائلاً “أحب الدوري الإنجليزي الممتاز وخاصة نادي مانشستر يونايتد. لهذا أحب الذهاب إلى هناك. كما أنني حضرت مباراة يورجن كلوب الأولى مع ليفربول التي واجه خلالها توتنهام. ولقد كان ذلك رائعاً.”
بالنسبة له ليس وارداً على الإطلاق أن ينخرط في عمل تدريبي في مجال كرة القدم – حتى وإن تداولت ذلك بعض وسائل الإعلام عقب التتويج باللقب الأوروبي. وأكد أنه لم يقل شيئاً من هذا القبيل. وأزال سيجوردسون اللبس قائلاً “سُئلت ما إذا كنت قد فكرت يوماُ في ذلك وقلت نعم. لكن ليس لدي طموحات أو عروض في هذا الإتجاه،” مضيفاً “على المستوى الفني هناك فوارق كبيرة بين كرة اليد وكرة القدم. أعتقد أن كل طرف لا يستفيد كثيراً من الطرف الآخر. ومع ذلك فكرة اليد ليست أقل من كرة القدم خاصة إذا نظرنا إلى المحيط والأجواء والإثارة المتعلقة بها. فكرة اليد لديها حركة أكثر وأهداف أكثر ولقد اكتسبت سرعة أكبر في السنوات الأخيرة. إلى جانب ذلك، يغير المرء الخطط التكتيكية أكثر في كرة اليد.”
ويتطلع سيجوردسون ببهجة كبيرة إلى الصيف المقبل حيث سيخوض منتخب بلاده أيسلندا لأول مرة في تاريخه منافسات بطولة أوروبا. وقد تحدّث عن ذلك قائلاً “إنه إنجاز عظيم. أنا واثق أنه بإمكانهم تحقيق المفاجأة مع العلم أن المهمة ستكون صعبة جداً بالطبع.”
إن دور الفريق الأقل حظاً يعرفه سيجوردسون تمام المعرفة ففي النهاية دخل فريقه الألماني في البطولة القارية وهو بعيد عن دائرة المرشحين. لكن من مباراة إلى أخرى رفع الفريق الأصغر سناً في المسابقة من مستواه ونجح في نهاية المطاف في الظفر باللقب أمام أسبانيا التي كانت قد هزمته في دور المجموعات. وأضاف “سواء كان الفريق غير مرشح أم لا، عندما تطلق صافرة البداية لا يلعب ذلك أي دور. لدينا فريق شاب وضعنا فيه ثقتنا. ولقد تمكنا من تحقيق مرادنا.”
لم يكن له إلى غاية الآن أي لقاء مع المدرب الوطني يواكيم لوف غير أن سيجوردسون سيتلقى ربما قبل النهائيات القارية التي ستقام فرنسا الدعوة للحديث عن هذا التتويج الإستثنائي الذي حققه في يناير/كانون الثاني 2016. وهو ما سيسعد بكل تأكيد عشاق كرة اليد في المنتخب الألماني أمثال مسعود أوزيل وجيروم بواتينج وبير ميرتسيكر
