د ب أ-رياضة العرب:
لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع أن يعود المنتخب المصري لكرة القدم بقوة إلى دائرة المنافسة على اللقب الأفريقي بعد غياب عن ثلاث نسخ متتالية في بطولات كأس الأمم الأفريقية.
ولكن أحفاد الفراعنة شقوا طريقهم بنجاح إلى المباراة النهائية للبطولة التي استضافتها الجابون مطلع هذا العام ليكون هذا الإنجاز بمثابة نقطة الانطلاق نحو عام حافل بالإنجازات لكرة القدم العربية.
وبالتأكيد ، يأتي تأهل منتخبات مصر والسعودية والمغرب وتونس إلى بطولة كأس العالم 2018 على رأس إنجازات الكرة العربية في 2017 كونها المرة الأولى التي يشهد فيها المونديال أربعة منتخبات عربية في نسخة واحدة من البطولة.
ورغم عدم بلوغه النهائيات ، كان المنتخب السوري أحد عناصر البريق للكرة العربية في هذا العام الذي شارف على النهاية.
كما كانت بطولتا كأس العالم للأندية في أبو ظبي ودوري أبطال أفريقيا شاهدين على الطفرة التي عاشتها الكرة العربية في 2017 رغم كل المشاكل السياسية التي تعج بها المنطقة.
واستهل المنتخب المصري (أحفاد الفراعنة) عام 2017 بمسيرة رائعة في كأس الأمم الأفريقية بالجابون حيث شق الفريق طريقه بنجاح إلى المباراة النهائية للبطولة على عكس معظم التوقعات التي سبقت البطولة.
وكان الفريق توج بألقاب ثلاث نسخ متتالية في 2006 و2008 و2010 لكنه غاب عن النسخ الثلاث التالية في 2012 و2013 و2015.
ومع عودة الفراعنة للبطولة من خلال نسخة 2017 بالجابون ، كانت معظم التوقعات تشير إلى تعثر الفريق مبكرا خاصة مع غياب العديد من العناصر التي ساعدته في الفوز باللقب لثلاث نسخ متتالية بين عامي 2006 و2010.
ورغم مرور منتخب الفراعنة بمرحلة إحلال وتجديد في صفوفه ، انطلق أبناء النيل بقوة إلى المباراة النهائية حيث تعادل الفريق مع مالي سلبيا وتغلب على كل من أوغندا وغانا بنتيجة واحدة هي 1 / صفر ليتصدر الفريق المجموعة الرابعة في الدور الأول للبطولة.
وتأهل مع المنتخب المصري إلى دور الثمانية منتخبا تونس والمغرب بينما ودع المنتخب الجزائري البطولة من الدور الأول ليكون هذا مؤشرا آخر على التراجع الذي شهدته الكرة الجزائرية في العامين الماضي والحالي رغم المسيرة الرائعة للفريق في كأس العالم 2014 بالبرازيل.
وكان الخروج المبكر أحد ملامح الترنح الجزائري بينما واصل الفراعنة مسيرتهم الناجحة بالفوز على المنتخب المغربي (أسود الأطلس) 1 / صفر في دور الثمانية وودع المنتخب التونسي (نسور قرطاج) البطولة من دور الثمانية بالهزيمة صفر / 2 أمام بوركينا فاسو.
وتغلب الفراعنة على الإرهاق وفارق اللياقة البدنية وأطاحوا بخيول بوركينا فاسو من المربع للذهبي للبطولة ليضربوا موعدا مع أسود الكاميرون في المباراة النهائية.
وفيما صبت الترشيحات في صالح المنتخب المصري في هذه المباراة نظرا لسجله الرائع في مواجهة أسود الكاميرون سابقا ، خسر الفراعنة في سباق اللياقة البدنية واكتفوا بمركز الوصيف.
وشهدت البطولة سطوع نجم اللاعب المصري محمد صلاح وكذلك زميله محمود حسن تريزيجيه حيث لعب الاثنان ومعهما محمود عبد المنعم (كهربا) دورا بارزا في التأهل للنهائي.
ولكن الدور الأكبر في التأهل للنهائي كان لحارس المرمى المخضرم عصام الحضري الذي أعاد اكتشاف نفسه في هه النسخة من البطولة الأفريقية لكنه فشل في إحراز لقبه الخامس في تاريخ البطولات الأفريقية.
وكان الحضري في قائمة الفراعنة بنسخة 1998 في بوركينا فاسو كما لعب دورا كبيرا في فوز الفريق باللقب في نسخ 2006 و2008 و2010 .
ولعبت الصدفة دورها في استعادة الحضري لبريقه حيث عانى شريف إكرامي حارس مرمى الفريق من الإصابة قبل بداية فعاليات البطولة ثم أصيب أحمد الشناوي الحارس الآخر للفريق بعد دقائق قليلة من المباراة الأولى ليحصل الحضري على الفرصة التي تشبث بها ليحرس مرمى الفريق في جميع المباريات بما فيها المباراة النهائية رغم مرضه في النهائي.
ولم يكن نجاح الفراعنة في هذه البطولة سوى البداية المثالية لعام حافل بالإنجازات للكرة العربية.
وكانت أبرز هذه الإنجازات هي بلوغ الفراعنة مع ثلاثة منتخبات عربية أخرى لنهائيات كأس العالم.
وكانت البداية مع المنتخب السعودي الذي استعاد مقعده في المونديال للمرة الأولى منذ سنوات طويلة حيث كان الفريق شارك في أربع نسخ متتالية أعوام 1994 و1998 و2002 و2006 بينما غاب عن نسختي 2010 و2014.
وشق الأخضر السعودي طريقه إلى النهائيات رغم خوض الدور النهائي من التصفيات ضمن مجموعة نارية ضمت معه منتخبات اليابان وأستراليا والإمارات والعراق وتايلاند حيث حل الأخضر في المركز الثاني بالمجموعة بفارق نقطة واحدة فقط خلف المنتخب الياباني وبفارق الأهداف فقط أمام أستراليا بعد الفوز على المنتخب الياباني 1 / صفر في الجولة الأخيرة من التصفيات.
واشترك المهاجمان السعودي محمد السهلاوي والإماراتي أحمد خليل في صدارة قائمة هدافي التصفيات برصيد 16 هدفا لكليهما.
ورغم صعوبة مجموعته في التصفيات الأفريقية ، استفاد منتخب الفراعنة من انتصاره الثمين على غانا ذهابا في وقت مبكر من التصفيات وشق طريقه بجدارة إلى المونديال لتكون المشاركة الأولى للفريق في البطولة منذ عام 1990.
ومثلما ، تأهل الفراعنة إلى النهائيات على حساب نجوم غانا والمنتخب الأوغندي ، مفاجأة التصفيات ، حسم المنتخب المغربي تأهله بالفوز على نظيره الإيفواري في عقر داره في الجولة الأخيرة من التصفيات.
كما حجز نسور قرطاج بطاقة تأهلهم إلى النهائيات بعد صراع محتدم مع منتخب جهورية الكونغو الديمقراطية.
وكان المنتخب السوري على وشك تحقيق المفاجأة وزيادة المقاعد العربية في المونديال الروسي ولكنه سقط أمام المنتخب الأسترالي في الملحق الآسيوي الفاصل.
وعلى مستوى الأندية ، لم يختلف الحال كثيرا حيث فرضت الفرق العربية هيمنتها التامة على المربع الذهبي في بطولة دوري أبطال أفريقيا بوصول الوداد البيضاوي المغربي والأهلي المصري والنجم الساحلي التونسي واتحاد الجزائر الجزائري.
وأطاح الأهلي بالنجم الساحلي التونسي بفوز ساحق 6 / 2 في مباراة الإياب بعد خسارته 1 / 2 ذهابا في تونس ليشق الفريق طريقه إلى النهائي الذي التقى فيه الوداد لكن الأخير حسم المواجهة لصالحه بفضل تعامله الخططي الرائع مع مباراتي الذهاب والإياب.
وحجز الوداد مقعده في كأس العالم للأندية بأبو ظبي ليكون الفريق العربي الثاني في هذه البطولة التي عادت لأحضان أبو ظبي في نسخة هذا العام والنسخة التالية.
وكان الجزيرة حجز مقعده في نسخة 2017 من خلال فوزه بلقب الدوري الإماراتي. وبينما بلغ الجزيرة المربع الذهبي وقدم عرضا رائعا أمام ريال مدريد الإسباني في المربع الذهبي قبل أن يخسر المباراة وكذلك مباراة الدور الثالث أمام باتشوكا المكسيكي ، ودع الوداد البطولة مبكرا واحتل المركز السادس.
وكان الهلال السعودي فشل في التأهل لمونديال الأندية عندما خسر أما أوراوا ريد دياموندز الياباني في نهائي دوري أبطال آسيا وإن قدم الفريق مسيرة رائعة في البطولة حتى بلغ النهائي.
وبعد أكثر من عامين على قرار الإيقاف المفروض على الرياضة الكويتية ، شهد كانون أول/ديسمبر الحالي فك الحصار على الكرة الكويتية بقرار من الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) لتعود الحياة إلى الكرة الكويتية على الساحة الدولية ويكون ذلك انتصارا جديدا للكرة العربية في 2017 .
ولم يتردد منظمو بطولة كأس الخليج (خليجي 23) في قطر في اقتراح نقل استضافة وتنظيم هذه النسخة إلى الكويت احتفاء برفع الإيقاف.
وبالفعل ، وفي غضون أيام قليلة ، اتخذ القرار الرسمي بشأن نقل حق الاستضافة إلى الكويت ومشاركة جميع المنتخبات الخليجية الثمانية في البطولة بعيدا عن قرار المقاطعة المفروض من ثلاثة بلدان خليجية (السعودية والإمارات والبحرين) بالإضافة لمصر ضد قطر.
ومثلما لفت السهلاوي وخليل أنظار الجميع في التصفيات الآسيوية المؤهلة للمونديال ، حققت الكرة العربية العديد من النجاحات من خلال لاعبيها وفي مقدمتهم كتيبة المحترفين في الأندية الأوروبية.
ويجتذب المصري محمد صلاح القدر الأكبر من الاهتمام بهذه النجاحات حيث فرض اللاعب نفسه نجما فوق العادة بالدوري الإنجليزي واعتلى بجدارة صدارة قائمة هدافي المسابقة كما سجل مع فريقه (ليفربول) 20 هدفا حتى الآن في مختلف البطولات هذا الموسم ليؤكد أنه مكسب كبير للفريق كما لفت إليه أنظار العمالقة من الأندية الأوروبية.
ولم يكن غريبا أن يفوز صلاح بجائزة هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” لأفضل لاعب أفريقي في 2017.
كما لفت مواطنه أحمد حجازي مدافع ويست بروميتش ألبيون الأنظار إليه من خلال الأداء الراقي الذي يقدمه مع الفريق هذا الموسم مما دفع الفريق لتفعيل بند شراء حجازي نهائيا من الأهلي المصري.
ولم يكن غريبا أن يختار الاتحاد الأفريقي للعبة (كاف) صلاح ضمن القائمة النهائية لأسماء المرشحين للقب أفضل لاعب أفريقي لهذا العام حيث يتنافس على الجائزة مع السنغالي ساديو ماني زميله في ليفربول والجابوني بيير إيمريك أوباميانج مهاجم بوروسيا دورتموند الألماني.
كما تتنافس كرة القدم المصرية على ثلاث من جوائز الكاف حيث يتنافس الأرجنتيني هيكتور كوبر المدير الفني لمنتخب مصر على جائزة أفضل مدير فني بينما يوجد فريق الأهلي المصري ضمن القائمة النهائية للمرشحين لجائزة أفضل فريق، بالإضافة لمنتخب مصر الذي يسعى للحصول على جائزة أفضل منتخب.
ويعتبر صلاح أبرز المرشحين للحصول على جائزة أفضل لاعب أفريقي هذا العام ، وتكرار إنجاز مواطنه النجم محمود الخطيب، اللاعب المصري الوحيد الذي توج بالجائزة عام 1983.
ويتنافس منتخب مصر مع منتخبي الكاميرون ونيجيريا على جائزة أفضل منتخب أفريقي لهذا العام كما يتنافس الأهلي مع الوداد المغربي ومازيمبي الكونغولي على جائزة أفضل ناد.
وبعد غياب لسنوات طويلة ، عادت بطولة الأندية العربية لتنطلق مجددا حيث استضافت مصر النسخة الجديدة في تموز/يوليو وآب/أغسطس الماضيين وتوج الترجي التونسي بلقبها بعد الفوز على الفيصلي الأردني 3 / 2 في النهائي.
وكانت عودة البطولة في حد ذاتها انتصارا رائعا للكرة العربية في 2017 خاصة مع المنافسة القوية التي شهدتها هذه النسخة.
والآن ، تركز المنتخبات العربية الأربعة المتأهلة للمونديال الروسي على كيفية الاستعداد لهذه المشاركة العالمية.