لندن- رياضة العرب
تمثل محاولة تطوير كرة قدم السيدات في مناطق العالم التي استهلّت مؤخراً عملية الرفع من شأن المستديرة الساحرة أمراً صعباً ينطوي على تحديات. والقيام بذلك في دولة تبلغ مساحتها ضعف مساحة ألمانيا وتحتل المرتبة 40 بعدد السكان و150 بالناتج المحلي الإجمالي، يجعل المهمة أكثر صعوبة. إلا أن رئيسة قسم تطوير كرة قدم السيدات في ناميبيا، جاكي جرتزه، تكفّلت بأن تضطلع بهذه المهمة الكبيرة، وساعدها في ذلك الخبرات التي اكتسبتها في برنامج تطوير القيادات النسائية بدورته الأولى وكذلك الدورة التدريبية في مجال كرة القدم النسائية التي استضافتها العاصمة ويندهوك في أواخر فبراير/شباط.
وفي مقابلة بثها الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا، قالت جرتزه: “الدورة التدريبية كانت أمراً نحن بحاجة إليه فعلاً. كرة قدم السيدات تتطور هنا، ولذلك هناك تدفق لمدربين ومدربات جدد، وتبديل في مدربي الفرق. عندما طلبنا بإجراء هذه الدورة، أردنا أن نضمن استمرار تطور لعبة السيدات، وهو ما يمثل حافزنا الدائم ـ ليس فقط لزيادة عدد اللاعبات، ولكن كذلك لتحسين معارفنا حول كيفية جعلهن يلعبن بشكل أفضل”.
إلى جانب مساعدة المدربين على التعرّف على أحدث التقنيات، تقول جرتزه إنه كان هناك دافع إضافي تمثل بوجود أسماء مخضرمة في عالم التدريب، مثل مدربة المنتخب الإنجليزي السابقة هوب باول ومدربة منتخب ناميبيا للسيدات جاكي شيبانجا. أن يكون هناك مدربة على هذا المستوى مثل هوب كان عاملاً محفّزاً جداً لكافة الحضور: “كرة القدم ليست لعبة جامدة. إنها علمٌ قائم بحدّ ذاته. هناك أمور كثيرة جديدة، وهوب قادرة على تمكين المدربين والمدربات بهذه التطورات”.
تركيز على كرة قدم السيدات:
باعتبارها لاعبة سابقة في المنتخب الوطني، كرّست جرتزه جهودها بشكل كامل من أجل تطوير اللعبة في بلادها. وعندما كانت تعمل كمدرسة، تواصل معها الاتحاد الوطني لكرة القدم من أجل وضع خطة لتطوير كرة قدم السيدات، وتم اختيارها لتكون عضوة في اللجنة التنفيذية للاتحاد الوطني للعبة العام الماضي. ومن أبرز الإنجازات التي حققتها والتي تفخر بها برنامج “فتيات وأهداف” الذي تم إطلاقه لتمكين الفتيات في ناميبيا، وقالت عنه: “تنضم الفتيات إلى الهيكلية الكروية وهنّ في التاسعة، وقد وضعنا لهن أهداف محددة تروّج لنمط حياة صحي. كما أدمجنا في المشروع برامج توعية بفيروس نقص المناعة البشرية ومهارات حياتية”.
وبفضل النجاح الذي حققته في عالم المستديرة الساحرة، تُعرب جرتزه عن حماستها لزيادة نسبة مشاركة السيدات في المراكز القيادية في عالم المستديرة الساحرة. وعلى المستوى الشخصي، اقتربت من إتمام برنامج تطوير القيادات النسائية الذي ساعد FIFA بتنظيمه.
عن هذا البرنامج، قالت جرتزه: “أظهر لي البرنامج كيف يمكن أن أكون مبدعاً وأن أصبح قائدة أفضل. يتطرق البرنامج لمجالات مثل التنمية ومبادئ أساسية أخرى في عالم كرة قدم السيدات. بمشاركتي ما تعلمته مع الآخرين والأخريات في ناميبيا، فإن ذلك سيؤدي إلى تسارع تطوير كرة قدم السيدات في بلدنا”.
رغم أن جرتزه احتلت مركزاً طليعياً في مجال تطوير كرة قدم السيدات في ناميبيا، إلا أنها على ثقة من أن الطريق لم يصل إلى نهايته بعد: “أودّ أن أرى الكثير من السيدات في مراكز قيادية في عالم اللعبة الجميلة. على المستوى الشخصي، أريد أن أكون منخرطة أكثر في عالم صنع القرار في كرة القدم. حالياً، يستغرق تطبيق الخطط الكثير من الوقت، بدلاً من الإشراف على الاستراتيجيات والتخطيط”.
حصد نتائج ملموسة:
بما أن ناميبيا دولة شاسعة وتعاني من تحديات اقتصادية حقيقية، فإنه من المستحيل جمع كافة المدربين والمدربات في مكان واحد، ولذلك تتمثل الخطة المقبلة الأنسب بأن يتم اختيار أفضل أولئك للمشاركة في الدورات التدريبية. ومن ثم يعودون إلى مناطقهم لمشاركة خبراتهم المكتسبة مع زملائهم.
لا تقتصر التحديات التي تنطوي عليها المساحة الكبيرة للبلاد على مستوى التدريب. فبعد توسيع الدوري المحلي للسيدات مؤخراً، تم اتخاذ قرار بنقل اللاعبات بدلاً من الأندية. وقالت جرتزه عن ذلك: “بدأنا بدوري سوبر وتسير الأمور فيه بشكل جيد. ولكن المسافات في البلاد تجعل من المستحيل تنظيم دوري في ناميبيا في أرجاء البلاد. ولذلك نحدد اللاعبات في أرجاء ناميبيا ومن ثم نقوم بتسجيلهم في دوري السوبر في منطقة ويندهوك، ومن ثم تسافر اللاعبات إلى العاصمة لخوض المباريات. يأتين من مناطق بعيدة مثل أوشاكاتي على الحدود مع أنغولا في الشمال، وكذلك كاراسبورج القريب من حدود جنوب أفريقيا في الجنوب”.
يُذكر أن ناميبيا خاضت بطولة كأس الأمم الأفريقية للسيدات CAF سنة 2014 وتمكّن الفريق صاحب الضيافة من ضمان فوز على زامبيا رفع معنويات عناصر المنتخب. وقد بنى دوري السوبر على تلك النجاحات في البطولة القارية وهو ما تقول عنه جرتزه: “إنه دوري السيدات الأهم والأكثر شعبية في البلاد، ونشهد زيادة في عدد الحضور”