حسن البصري:
يذكر أبناء جيلي أغنية لطالما تغنينا بها في الأحياء الهامشية لباريس، للفنان عبد الوهاب الدكالي، يقول مطلعها:
في مونتبرناس
مات خويا يا بويا
برصاص قناص عنصري يا بويا.
مناسبة هذا الاستهلال، هي استمرار القصف العنصري من حي مونتبرناس الذي يستهدف المغتربين وانتقاله إلى ملاعب الكرة الأوروبية، قبل أن تتسلل العنصرية إلى الملاعب العربية.
أصبح الغضب عالميا، حين احتشد العشرات من المحتجين للتظاهر أمام القنصلية الإسبانية في مدينة ساو باولو البرازيلية، إثر الإساءات العنصرية الأخيرة التي تعرض لها النجم البرازيلي فينيسيوس جونيور، مهاجم فريق ريال مدريد الإسباني لكرة القدم. وأعرض أفراد الجالية الكروية البرازيلية عن التداريب في أوروبا، تضامنا مع مواطنهم. في هذه المظاهرات هتف الغاضبون واستنكروا «عنصرية الليغا».
رفعت لافتات تحمل كلمات «فينيسيوس جونيور، نحن معك»، و«هذه ليست كرة قدم، هذه عنصرية»، و«طهروا المدرجات من العنصريين»، حينها تحركت السلطات الأمنية وألقت القبض على مشجعين لنادي فالنسيا الإسباني يحملون في قلوبهم كمية عالية من الكراهية.
بدوره اتهم الدولي البرازيلي فينيسيوس، رابطة الدوري الإسباني بأنها تعتبر العنصرية «أمرا طبيعيا»، حسب ما ذكره عبر موقع شبكة التواصل الاجتماعي «تويتر»، ودعاها إلى قطع التطبيع مع دعاة العنصرية. وحين أصبحت القضية قضية رأي عام دولي، ألغى الاتحاد الإسباني لكرة القدم قرار طرد البرازيلي فينيسيوس جونيور، وفرض على «الخفافيش» عقوبات رياضية ومالية، وشرع في التفكير في معاقبة الحكم ريكاردو دي بورغوس الذي طرد المجني عليه بدل الجناة.
واشتكى فينيسيوس، قبل الطرد، من تعرضه لهتافات عنصرية من جماهير فالنسيا، مما أدى إلى توقف المباراة عشر دقائق، مع إشارته إلى الأشخاص الذين هتفوا ضده. كما هدد فينيسيوس بمغادرة الملعب خلال الشوط الثاني من المباراة، بعدما استهدفته الجماهير بتقليد أصوات القردة.
من الأخطاء الشائعة في كرة القدم، السماح للمشجع بشتم اللاعبين بما أوتي من قاموس التنكيل، بدعوى أن الجمهور يملك حصانة، وأنه يؤدي ثمن التذكرة ليلعن ما شاء ويشتم ما شاء. لهذا استأنس الناس بالعنف العنصري، وقال خافيير تيباس، رئيس رابطة الدوري الإسباني، إن هذه السلوكات جاري العمل بها في كل ملاعب المعمور، عملا بالقول المأثور «المصيبة إذا عمت هانت».
تمنيت لو كان للجالية المغربية المقيمة في فرنسا رد فعل، حين تعرض اللاعب المغربي أشرف حكيمي لسلوكات عنصرية في فرنسا وإسرائيل، وقبله تعرض اللاعب الدولي عبد السلام وادو لعبارات عنصرية في ميتز، حين رماه مشجعون متطرفون بالموز، وتضامنا معه أكل لاعبونا الموز دعما له.
لكن العنصرية الكروية تجاوزت حدود أوروبا لتدخل ملاعبنا، حيث تسود حالة احتقان بين جماهير الرجاء الرياضي وحسنية أكادير، فكلما اقترب موعد مباراة بين الفريقين حلقت فوق ملعبي «دونور» و«أدرار» طيور أبابيل لترمي المناصرين بحجارة من سجيل، وكأن الموعد مع معركة الفيل يتجدد مرتين في السنة.
في مباراة جمعت الفريقين البيضاوي والسوسي، تعطلت قيم الرياضة وبات الثأر في المدرجات أهم من الفوز على رقعة الملعب، ونسي العقلاء تاريخ العلاقات بين الرجاء والحسنية، وفي مباراة للكرة استباح المشجعون قواميس التنكيل وحولوا المدرجات ومحيط الملعب إلى ساحة معركة سلاحها الحجارة الصماء، وفضلت لجنة الأخلاقيات الصمت خوفا من الغضب الساطع من المدرجات.
في الجزائر تعرض لاعبو المنتخب المغربي لكرة القدم للفتيان لعبارات عنصرية، وجعل الجمهور الجزائري من الموز أداة لممارسة أنواع التنكيل بناشئين حلوا بالجزائر للعب مباراة، ليجدوا أنفسهم في فوهة مدفع.
في ملاعب الجزائر تم إعدام لازمة «خاوة خاوة»، وتبين أن للكرة وجها مظلما.