حسن البصري
أسند الملك محمد السادس رئاسة اللجنة المكلفة بترشيح المغرب لتنظيم مونديال 2030 لكرة القدم، في إطار الترشيح المشترك المغرب – إسبانيا- البرتغال، لفوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. ولأن الترشيح الثلاثي المشترك يعد سابقة في تاريخ كرة القدم المغربية، فإن تعيين رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وتمكينه من هذا المنصب يعد سابقة أيضا.
لم ييأس المغرب من رحمة الفيفا، حين أصر على تعقب الحلم الهارب حتى ولو كان خيط دخان، والذي ظل ينشده منذ عقود. لم يؤمن المغاربة بالقول المأثور: «الثالثة ثابتة» وآمنوا بأن الضربة التي لا تقتل تقوي، وأن الترشيح لتنظيم المونديال قد نخسر معاركه لكننا لن نخسر الحرب، وقد نخسر الرهان السادس بشرف ونعلن ترشيحنا لرهان آخر، فالهزيمة مع الكبار شرف.
صحيح أن فوزي لقجع هو أول رئيس جامعة يتأبط ملف المغرب لاحتضان كأس العام، لكنه ليس هو الوزير الأول الذي تقلد هذه المسؤولية، إذ كان الملك الحسن الثاني يعين وزير الرياضة عبد اللطيف السملالي لتدبير هذا الملف في محاولة للاستئناس بترشيح افتراضي عبارة عن «ماكيط» مشاريع مونديالين 1994 و1998.
ستمنح مسؤولية تدبير هذا الملف من جديد لامحمد بنهيمة الذي حمل حقيبة وزارة النقل والملاحة التجارية والسياحة والطاقة والمعادن، وهي قطاعات حيوية لها علاقة بتنظيم التظاهرات الرياضية، لكن بنهيمة خسر المعركة بضربات الترجيح في موقعة 2006 ونالت ألمانيا شرف تنظيم المونديال.
ما كسبه المغرب من ولاية بنهيمة هو الاستفادة من القرابة العائلية بين إدريس والرئيس الفرنسي جاك شيراك، حيث قال الرئيس السابق للفيفا، السويسري جوزيف بلاتير، في حوار مع «لوموند» الفرنسية، إن شيراك طلب من رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم آنذاك، ميشيل بلاتيني، التصويت لصالح المغرب لنيل شرف استضافة كأس العالم.
عاد الملك ليعين سعد الكتاني بديلا عن بنهيمة، بعدما أدرك العارفون ببيت الفيفا أن تنظيم مونديال الكرة يحتاج لرجل مال وأعمال وليس رجل أقوال، لكن جنوب إفريقيا ستحاول إقناع المغرب بسحب ملف ترشيحه لاحتضان مونديال 2010، وقبل الوصول إلى مرحلة التصويت، حل داني جوردان، المسؤول الحكومي الجنوب إفريقي بالمغرب، طالبا راغبا في انسحابنا من السباق بدعوى «المرشح الإفريقي الوحيد»، بل وقدم وعودا بطي صفحة الخلافات، لكن سعد الكتاني قال للمفاوض الجنوب إفريقي إن شعار الترشيح المغربي «رهان أمة»، والحسم فيه قرار أمة.
لم يستسغ جوردان «البهدلة» التي تعرض لها في الدار البيضاء حين عاد إلى بلاده وهو يجر أذيال الخيبة، وقرر رد الصاع صاعين للمغرب، فوجه دعوة إلى محمد عبد العزيز المراكشي، «رئيس» البوليساريو، لحضور حفل افتتاح نهائيات كأس العالم سنة 2010. حملت الدعوة توقيع جاكوب زوما، رئيس جنوب إفريقيا، رغم أن الكيان الصحراوي لا يملك فريقا للكرة وغير معتمد في الفيفا.
اعترف سعد الكتاني، رئيس لجنة المغرب 2010، بأن الملف المغربي لم يكن باهرا ولكن اللجنة اشتغلت بشغف، والشغف لا يكفي في مثل هذه الملفات، التي تحتاج إلى كائنات ليلية تملك خبرة واسعة في الكولسة.
سيعين الملك محمد السادس مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، مسؤولا عن لجنة ترشيح المغرب لتنظيم كأس العالم 2026، لكنه سيخسر الرهان أمام ملف منافس تضمن ترشيحا ثلاثيا مشتركا قويا جمع الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.
اليوم ولأول مرة يجمع رئيس لجنة ترشيح المغرب لمونديال 2030، بين الحقيبة الوزارية ورئاسة جامعة الكرة، سنختصر المسافات في مواجهة قوى كروية تعلم علم اليقين أن المغرب الذي سقط في الامتحان خمس مرات نال في كل المحاولات أجر الاجتهاد.