نبيل أحمدي .. يكتب “لرياضة العرب”: فوزي البنزرتي .. الجنرال والجحر
يقول أنشتاين في تعريفه للغباء أنه تكرار نفس الفعل مرتين بنفس الاسلوب والخطوات، وانتظار نتائج مختلفة. ورغم تكرار جنرال الكرة التونسية فوزي البنزرتي لنفس الخطة والخطأ في التعامل مع حالتين متطابقتين الى حد كبير، الاولى عندما كان مدربا للترجي الرياضي التونسي في ذهاب نهائي دوري ابطال افريقيا مع مازمبي الكونغولي والثانية وهو قائد لكتيبة النجم الساحلي التونسي في ذهاب الدور 16 من نفس المسابقة امام اينمبا النيجيري، الا انه لا يمكن باي حال من الاحوال وصف الداهية بالغباء فمسيرة الرجل الحافلة ألقابا وتتويجات قارية ومحلية، تنزهه من الغباء بل إنها تضعه على رأس أفضل المدربين في القارة السمراء. لكن إصرار البنزرتي على تكرار نفس الخطأ يفتح باب التساؤل على مصرعيه، هل يصر الجنرال أن يلدغ من الجحر مرتين؟ وماهي حجم الخسائر التي سيتلقاها البنزرتي ليتأكد بأن ما يفعله خطأ لا يحتمل ابدا الصواب؟
أقصي النجم الساحلي التونسي من الدور 16 من دوري ابطال افريقيا أمام إينمبا النيجيري بعد ملحمة لم يؤمن بها أكثر المتفائلين من جمهور” النجمة الحمراء” ولا كان يتوقعها المنافسون، بعد أن عاد زملاء حمزة الاحمر في مباراة العودة وأوفدوا ضيوفهم بثلاثية أخرست أفواه المشككين وأعادت إحياء أمل الترشح بعد أن كان في خانة المستحيل، لكن الحظ الذي أدار بظهره للنجم الساحلي بعد سيناريو هيتشكوكي رافق المباراة وركلات الجزاء جعل أحلام أحفاد الشتالي تتبدد على صخرة ركلات الحظ التي إبتسمت للنيجيريين. الآن وبعد أن هدأت الخواطر والأعصاب وبعيدا عن منطق الاصطياد في برك ومستنقعات المياه العكرة لا يمكن المرور مرور الكرام على الخروج المر لأفضل فريق تونسي وإفريقي خلال المواسم الاخيرة( بشهادة أغلب الفنيين ) من أعتى وأقوى المسابقات الافريقية والذي لا يمكن تحميله للاعبي النجم الساحلي بعد عطاءهم الذي لم تكن له حدود وبعد الروح القتالية التي ظهروا بها في مباراة العودة.
المسؤولية بلغة الديبلوماسية يتحملها الفريق ككل إدارة وإطارا فنيا ولاعبين لكن المنطق والواقع يلقي بها أساسا على الجنرال، ليس لان المدرب في الهزائم هو دائما كبش الفداء ولكن لان مسؤوليته تظهره في تراكم عدد من الاخطاء وتكرارها ،وأولها إصراره غير المفهوم على الاندفاع في الهجوم خارج الديار رغم ان هذا الخيار كلفه خسارة لقب دوري أبطال افريقيا عام 2011 عندما كان مدربا للترجي الرياضي التونسي حين فتح دفاعات الترجي في ذهاب النهائي باصراره على تسجيل هدف خارج الديار لتلقى شباك الاحمر والاصفر خماسية قضت على احلام زملاء الدراجي في الفوز بلقب دوري الابطال، رغم محاولات العودة في مباراة الاياب. وهو نفس الخطأ الذي كرره مع النجم الساحلي امام اينمبا النيجري حين تلقت شباك البلبولي ثلاثية نظيفة أمام سعي البنزرتي على تسجيل هدف خارج القواعد. ولندع شماعة الاخطاء والفضائح التحكيمية جانبا لانها إسطوانة مشروخة وشر لا بد منه، و هي كذلك معطى كان الاولى أن يقرأ له الف حساب بما أن إنحياز الحكام في افريقيا لاصحاب البشرة السمراء ليس بالجديد ولا المستحدث وتاريخ الفرق التونسية والمنتخب التونسي وفوزي البنزرتي حافل بها. الفضائح التحكيمية في القارة الافريقية جزء أساسي لا غنى عنه في لعبة كرة القدم وصوت الحكمة يقول إما أن نتعلم كيف نتعامل معه أو فلنبحث عن قارة أخرى تكون أكثر عدلا من القارة السمراء. لكل مدرب رؤيته وفلسفته وخياراته لكن منطق الجلد المدور يفرض على كل مدرب أن يقرأ الف حساب لعدد الاهداف التي يمكن ان يتلقاها في مباراة الذهاب حتى يحافظ على حظوظه في العودة في مباراة الاياب وهو ما يصر البنزرتي على عدم إعطاءه الاهمية التي يستحقها من خلال تمسكه بنظرية هدف خارج القواعد يعني الترشح بالضرورة.ألم يكن الاولى عوض البحث عن هدف في نيجيريا العمل على قبول أقل عدد من الاهداف لأن فوز النيجيريين ذهابا أمر حتمي بأمر من أصحاب البدلة الصفراء؟
ثاني الخيارات الخاطئة التي يصر عليها البنزرتي هو التعويل دائما على تشكيلة واحدة وعدم اعتماده على سياسة تدوير المجموعة وهو الخيار الذي عرف به مدربا لاكبر الفرق التونسية والمنتخب الوطني وهو ما أصر على تكراره مع النجم. خيار أدى الى إنهاك لاعبي فريقه المرهقين اصلا بما أن الاحصائيات تؤكد بأن هؤلاء اللاعبين هم أكثر اللاعبين التونسيين ارهاقا بما أن النجم يقاتل على 3 واجهات (البطولة والكاس ودوري الابطال) لموسميين متتالين بنفس المجموعة تقريبا فبعد تتويجه بكاس تونس الموسم الفارط وبكاس الاتحاد الافريقي وحلوله في المركز الثاني في البطولة وجد الفريق نفسه امام نفس التحديات وبنفس الخيارات بل أن البنزرتي قلص من خياراته باخراج أفضل لاعبي الفريق من خياراته والحديث هنا عن يوسف المويهبي الذي لن يشكك احد في ان خروجه خسارة كبرى للفريق. أضف الى ذلك اكتفاء البنزرتي بانتدابات لا تسمن ولا تغني من جوع في الانتقالات الشتوية بل أنه أصر رغم ذلك على عدم التعويل عليها رغم الارهاق الكبير الذي ظهر على لاعبيه ورغم تحذيرات الفنيين. فما الجدوى من العويشي وسعادة والعمراني وغيرهم على بنك البدلاء إن لم تكن خيارات تعطي للفريق نفسا وخيارات أخرى.
قد يبدو تحميل ” الجنرال” مسؤولية خروج النجم قاسيا وقد يعتبره البعض تحاملا لكنه لا يتعدى منطق إعطاء كل ذي حق حقه، فقد مدحنا البنزرتي كثيرا وذاك ليس رميا للورود ولا تطبيلا أو توددا لمدرب نحت اسمه ذهبا في تاريخ الكرة العربية والافريقية. وهنا نقول للجنرال لقد أخطأت بل لقد امعنت في الخطأ بتكرار نفس الخيار الخاسر وقطعت الطريق على جيل قد لا تتاح له الفرصة مرة أخرى للفوز بدوري الابطال بنفس المجموعة الحالية وهو في كامل جاهزيته وعنفوانه وتألقه، عذرا أيها الجنرال لو انهزم النجم مع اينمبا ذهابا بهدف أو هدفين لتأهل و لكان البطل المرشح فوق العادة ليكون بطل الابطال.
نبيل أحمدي – إعلامي تونسي
مقدم برنامج رياضي في اذاعة صراحة اف ام التونسية