افتتحت دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 وسط هطول الأمطار، ثم حرارة شديدة، فأسبوع من أشعة الشمس اللطيفة. ومع اقتراب الدورة من نهايتها اليوم الأحد، من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة مرة أخرى إلى 35 درجة مئوية.
الشيء الوحيد المؤكد بشأن طقس الألعاب الأولمبية الصيفية هو أن الحرارة الشديدة تشكّل تهديداً متزايداً للرياضيين، حيث أصبحت حالات الإجهاد الحراري وضربات الشمس أكثر شيوعاً مع ارتفاع درجات الحرارة ومستويات الرطوبة. كما أن الجمهور، وخاصة أولئك الذين يسافرون جواً من مناخات أكثر برودة، معرضون أيضاً للحرارة الشديدة.
- الإجهاد الحراري في الأولمبياد
لن تتمكن معظم مدن العالم من استضافة الألعاب خلال فصل الصيف في العقود المقبلة، لأنها تتجاوز عتبة الحرارة الرطبة الآمنة، وفقاً لتحليل CNN لبيانات من CarbonPlan، وهي مجموعة غير ربحية تركز على علوم المناخ والتحليلات.
ويمكن قياس الإجهاد الحراري بما يسمى درجة حرارة الكرة الرطبة، وهي مزيج من الحرارة والرطوبة وسرعة الرياح وزاوية الشمس والغطاء السحابي. ووجدت شركة كاربون بلان أنه بحلول عام 2050، ستتجاوز درجة الحرارة في جميع المدن تقريباً في الجزء الشرقي من الولايات المتحدة حد 82.1 درجة فهرنهايت، وهو الحد الذي يوصي الخبراء بإلغاء الأحداث الرياضية بعد تجاوزه.
وبعبارة أخرى، فإن إقامة الألعاب الصيفية في هذه المدن ستشكل خطراً كبيراً على صحة الرياضيين.
إن الولايات شديدة الرطوبة حول خليج المكسيك، من فلوريدا إلى النصف الشرقي من تكساس، لن تكون ملائمة. ولن يكون من الممكن إقامة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في أتلانتا عام 1996 في عام 2050.
أيضاً سوف تكون أجزاء كبيرة من شرق الصين، بما في ذلك بكين وشنغهاي، أعلى بكثير من هذا الحد، وكذلك هونج كونج ومساحات شاسعة من جنوب شرق آسيا.
وتتزايد الدعوات إلى تغيير توقيت الألعاب الأولمبية الصيفية حتى لا تتزامن مع ذروة الحرارة، وقد حدث هذا من قبل. فقد استضافت سيدني، التي تضربها حرارة الصيف الشديدة، الألعاب الأولمبية في عام 2000 في شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول خلال فصل الربيع في نصف الكرة الجنوبي. واستضافت ريو دي جانيرو في البرازيل الألعاب الأولمبية في عام 2016 في أغسطس/آب، عندما يبلغ متوسط درجات الحرارة في فصل الشتاء نحو 70 درجة فهرنهايت.
وقد تصبح المدن في شمال غرب أوروبا مثل لندن وأوسلو وستوكهولم أكثر جاذبية لاستضافة الحدث الرياضي، في حين أن المدن المطلة على البحر الأبيض المتوسط بما في ذلك باليرمو في صقلية وإشبيلية في إسبانيا قد تجاوزت العتبة الآمنة. وقد تصبح المدن المرتفعة في أمريكا الجنوبية أكثر جاذبية أيضاً مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
ومن المقرر أن تقام الألعاب الصيفية المقبلة في لوس أنجلوس، وهي المدينة التي تنعم باعتدال درجات الحرارة بفضل مياه المحيط الهادئ الباردة. أما الألعاب الأولمبية لعام 2032 فستقام في مدينة بريسبان في ولاية كوينزلاند بشمال أستراليا، وهي المدينة التي ترتفع فيها درجات الحرارة في الصيف إلى الحد الذي يجعلها تستضيف الحدث خلال فصل الشتاء في أواخر يوليو/تموز وهو الوقت المثالي، نظراً لأن معظم أنحاء العالم في ذلك الوقت يكون في فصل الصيف. ولا تنخفض درجات الحرارة في شتاء بريسبان إلى أقل من 50 درجة.
وبحسب التقارير، أبدت أكثر من عشر دول اهتمامها باستضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2036، لكن ست دول فقط أعلنت عن ترشيحها علناً أو رسمياً: الهند تتقدم بطلب استضافة مدينتها الغربية أحمد آباد، وإندونيسيا تتقدم بطلب استضافة عاصمتها الجديدة قيد الإنشاء نوسانتارا. وقطر تتقدم بطلب استضافة الدوحة، بينما تتقدم تركيا بطلب استضافة إسطنبول. وبولندا وتشيلي تتقدمان بطلب استضافة عاصمتيهما وارسو وسانتياغو.
وتظهر بيانات كاربون بلان أن جميع هذه المدن تقريباً سوف تتخطى في مرحلة ما حد الإجهاد الحراري. ولا تتجاوز سانتياجو الحد الأقصى على مدار العام، بما في ذلك في أشد أجزاء الصيف حرارة. وسوف تتجاوز أحمد آباد والدوحة الحد الأقصى بكثير في أشهر الصيف، ولكن قد تتمكنان من التكيف مع مواسمهما الأكثر برودة.
من جهتها، قالت أوريانا تشيجويدن، عالمة المناخ في كاربون بلان: «في معظم أنحاء العالم، تتزامن أسوأ درجات الحرارة في العام للأسف مع موعد إقامة الألعاب الأولمبية الصيفية عادة. وقد تشكل الحرارة بالفعل مخاطر كبيرة في البلدان التي تتنافس على استضافة الألعاب الأولمبية في عام 2036».
وأضافت أنه إذا تم اختيار هذه المواقع، فيمكن الحد من مخاطر الحرارة من خلال بعض التدابير البسيطة. «على سبيل المثال، يمكن للمخططين التخفيف من مخاطر الحرارة من خلال البدء قبل أو بعد ذروة الصيف، أو من خلال عقد الفعاليات في الليل أو في الصباح الباكر عندما يكون الطقس أكثر برودة».
وأضافت أن البلدان قد تفكر في التقدم بعطاءات لاستضافة مدن ذات مناخات أكثر برودة، مثل تلك الموجودة على ارتفاعات أعلى.
- مدن لن تستضيف الأولمبياد مجدداً
بحلول عام 2050، ستكون درجات الحرارة في بعض المدن التي استضافت بالفعل الألعاب الأولمبية الصيفية من قبل أعلى بكثير من المستوى الآمن.
وسوف تكون بكين، التي استضافت الألعاب الأولمبية في عام 2008، شديدة الحرارة والرطوبة، حيث من المتوقع أن تتجاوز درجات الحرارة 90 درجة فهرنهايت. وسوف تكون أثينا وروما وأتلانتا وطوكيو وسول شديدة الحرارة أيضاً، وكذلك برشلونة.
وتعتبر المدن الواقعة في نصف الكرة الجنوبي، سيدني وبريسبان في أستراليا، بالإضافة إلى ريو دي جانيرو، كلها من الناحية الفنية ضمن قائمة المدن شديدة الحرارة، ولكنها لا تزال قادرة على استضافة الألعاب في مواسمها الأكثر برودة.