شاركها
الاستثمار الرياضي وغياب الرؤية ..
قبل قرابة عشرة أعوام تقريباً دخلت الأندية السعودية مرحلة جديدة للبحث عن مداخيل مالية جديدة تساعدها في تحقيق أهدافها التنافسية وخاصة الأندية الجماهيرية الكبيرة وذلك ظل ارتفاع عقود شراء اللاعبين سواء المحليين او الأجانب حينها ..
قبل تلك الفترة كانت هناك محاولات محدودة من بعض الأندية الكبيرة عن طريق بعض أعضاء شرفها اصحاب المال والأعمال لجلب إعلانات على قمصان اللاعبين وكانت تلك المحاولات تسد الرمق مع وجود دعم مالي من قبل الروؤساء الأغنياء ..
في تلك الفترة كانت ميزانية سنوية في حدود ١٥ مليون ريال او اكثر بقليل لتلك الفئة من الأندية كافية للوفاء بمتطلباتها التعاقديّة ومصروفاتها في ظل عقلانية عقود اللاعبين حينها ومحدودية اوجه الصرف وقوة الريال ..
بداية العقد الماضي وبشكل دراماتيكي وبعد دخول بعض الشخصيات الغنية للوسط الرياضي واحتلالهم رئاسة بعض الأندية الكبيرة ارتفعت عقود اللاعبين بشكل سريع مع قيام تلك الشخصيات بصفقات ضخمة لشراء عقود لاعبين محليين وخلقت تلك الصفقات في تلك الفترة ضغوطات جماهيرية على الأندية الاخرى مما جعلها تدخل مجبرة هذا السباق الصعب ..
لم تعد ٤ او ٥ ملايين كافيه او مقنعة للاعبين المحترفين المحليين بعد ان صارت طموحاتهم اكبر بكثيرررر من هذه المبالغ ..
ساهم الاعلام الرياضي وبشكل سلبي في تأجيج هذا الصراع بعد ان أصبحت بعض الصحف والبرامج المتخصصة اداة بيد بعض روؤساء الأندية الجماهيرية وتحول صراع شراء اللاعبين الى منافسة لاأخلاقية لضرب أندية اخرى منافسة ..
كل هذا العوامل دفعت الأندية الى البحث عن موارد استثمارية جديدة تخفف عنها الاعباء بعد ان انهكت هذه الصفقات كاهلها وزادت من حجم ديونها ..
دخلت بعض شركات الاتصالات سريعاً بمبالغ ضخمة حينها واستحوذت على قمصان خمسة أندية لفترة قاربت ثلاثة أعوام ثم خرجت بعدها ..
تلك الأندية لم تستغل عوامل قوية اتيحت لها مثل قاعدتها الجماهيرية الكبيرة ووجود لاعبين شهرتهم كبيرة في صفوفها تستطيع من خلال تلك العناصر تسويقهم كمنتج يجلب لها المال ..
كانت هذه الأندية كسولة استثمارياً ولم تؤسس لاجهزة استثمارية داخل مجالس اداراتها تستطيع ان تخدم توجهاتها وطموحاتها التنافسية فبحثت عن قالب جاهز يحضر لها المال وكان الحل السهل “صلة” فسلمت لها الخيط والمخيط ..
شركة صلة كانت الوحيده النشطة في الساحة وكانت تلعب على حاجة الأندية للمال ف “تُفصّل” العقود بما يلائم مصالحها بعد ان ارتمت اغلب الأندية في أحضانها ..
صحيح انها جلبت بعض الأموال لتلك الأندية ولكنها ورطتها في صياغات تعاقدية كبلت من قدرتها على التحرك او التغيير للافضل ..
الاهلي هو الوحيد اللذي تنبه لهذه المشكلة واستطاع ان يتحرر من مقصلة “صلة” وكوّن جهاز استثماري قوي داخل مجلس الادارة يقوده الامير فيصل بن خالد وحقق نجاحات مميزة لعل من ابرزها عقد رعاية ” القطرية” وعقود اخرى ساعدت إدارة النادي على التحرك بقوة وثبات خلال الفترة الماضية ..
بقية الأندية تعاني وبشكل مخيف من تراكم الديون بعشرات بل مئات الملايين مما جعل الكثيرون يترددون من الاقتراب مرة اخرى من كراسي الرئاسة ذات الوهج الكبير ..
لا حلول عاجلة تلوح في الأفق ولكن الشيء الوحيد الممكن هو تحويل هذه الأندية الى كيانات رياضية مستقلة أي “خصخصتها” رغم ان هذه المشروع ليس بجديد بل يُتداول من فترة واستمر حبيس الأدراج لسنوات طويلة ولكن قد يكون اقترب ليصبح حقيقة اكثر من اي وقت مضى ..
هذا التوجه سيصنع جو تنافسي واستثماري صحي وسيساعد هذه الأندية كثيراً على التغلب على مشاكلها المالية المتراكمة وبالتالي يمكن ان يعزز من قدراتها على تطوير وضعها المالي بما يقودها على تحقيق أهدافها ..
وجود أمثلة ممتازه في الدول المتقدمة في هذا المجال الحيوي والمهم واكتساب الخبرات منهم سيُساعد بلا شك في تأسيس بدايات مثالية لان البدايات العشوائية والعمل الارتجالي هي من تسبب في الوضع المتردي الحالي ..
ختام الكلام ..
يستطيع الانسان ان يفعل الكثير اذا خطط جيداً لأهدافه وأوجد أفضل السبل والأدوات بما يضمن تحقيق تلك الأهداف ..
كتب: نمشان القرني
عضو فريق العمل التأسيسي لأكاديمية النادي الأهلي ..
وباحث دكتوراه في جامعة كرانفيلد البريطانية