يوسف أبوالعدل
لا يمكن لجاحد أن ينكر التطور الكبير الذي تشهده الكرة المغربية على صعيد المنتخبات الوطنية بمختلف فئاتها السنية سواء في الذكور أو الإناث وفي كل الأصناف التي تشتغل تحت لواء الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم سواء داخل القاعة أو الشاطئية وكذلك كرة القدم النسوية.
لكن عكس التطور الذي تشهده الكرة المغربية في منتخباتها الوطنية تعيش الأندية المغربية على إيقاع المشاكل المالية وسوء النتائج التقنية على المستوى القاري مقارنة بما تحققه المنتخبات الوطنية، بين الفينة والأخرى وهي السائدة في خرجات الأندية المغربية في المسابقات القارية عكس أندية الدوري المصري أو التونسي أو الجنوب الإفريقي، التي تسبق دورياتها نظيرتها المحلية في مختلف الجبهات سواء المالية أو التقنية.
“الأخبار” ترصد أهم أسباب تطور الكرة المغربية على صعيد المنتخبات مقارنة بتراجع الأندية الوطنية سواء على المستوى المحلي أو القاري وسبل تدارك الموقف لبلوغ ما تحققه المنتخبات من إنجازات لأندية الدوري الوطني.
المنتخبات الوطنية.. سياسة الجامعة
تشهد الكرة المغربية طفرة نوعية على صعيد المنتخبات الوطنية انطلقت منذ سنة 2018، أي أربع سنوات بعد تعيين فوزي لقجع، رئيسا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم سنة 2014، وذلك حينما حقق الفريق الوطني تأهلا لكأس العالم بروسيا بعد عشرين سنة من الغياب قبل أن تتلوها العديد من الإنجازات الكروية بعدما تم وضع حجر الأساس لسياسة المنتخبات رفقة مجموعة من المدراء التقنيين الأجانب والمغاربة أيضا، الذين تم تحضيرهم لهاته الإنجازات والطفرة الجديدة في عالم كرة القدم الوطنية.
وشكلت الخطة التي وضعتها الجامعة لسنوات نهاية لفترة كان فيها المغرب غائبا عن الواجهة الكرية الإفريقية، باستثناء بعض الفلتات لأجيال كروية كانت تخرج عن النص وتسعد الشعب المغربي، قبل أن تفاجئ إنجازات المنتخبات الوطنية الأخيرة الشارع الرياضي الإفريقي والعالمي أيضا بعدما وصل الفريق الوطني لنصف نهائي كأس العالم في دورة قطر الأخيرة ليعلن أمام الجميع بداية عهد للكرة المغربية.
ورغم أن الجميع ظن أن نصف نهائي “المونديال” كان ضربة حظ للكرة المغربية قبل أن يسكت الجميع بتوالي إنجازات الكرة المغربية على صعيد المنتخبات، إذ حقق وصول منتخب السيدات لدور الستة عشر في كأس العالم للسيدات 2023 في أستراليا ونيوزيلندا، وأعقب ذلك بلوغ دور الثمانية في كأس العالم للناشئين تحت 17 سنة في إندونيسيا، كما فاز المنتخب الأولمبي المغربي بكأس أمم أفريقيا تحت 23 عاما وحقق بعدها الميدالية النحاسية في أولمبياد باريس، كما توج المنتخب المغربي لكرة الصالات، بلقب كأس القارات 2022، وأعقب ذلك بلوغ دور ربع النهائي في كأس العالم لكرة الصالات بأوزبكستان بعدما فاز باللقب القاري في المسابقة التي احتضنها المغرب، ناهيك عن التتويج الأخير لمنتخب أقل من سبعة عشر سنة بكأس أمم إفريقيا وتأهله للمونديال، وهو الأمر نفسه لمنتخب كرة القدم سيدات داخل القاعة.
“الفيفا”: هاته هي الخطوات التي جعلت المغرب رائدا إفريقيا
الاتحاد الدولي لكرة القدم لم يترك هو الآخر الفرصة تمر دون تحرير مذكرة بحث حول أسباب تألق الكرة المغربية في السنين الأخيرة، مؤكدا في مقال على موقعه أن بوصول فوزي لقجع لرئاسة الجامعة بدأت النتائج تظهر سريعا، وذلك من خلال الاعتماد على خطوات رئيسية وتطبيقها على مختلف قطاعات وفئات كرة القدم في المغرب من خلال خطة متكاملة للجامعة تتضمن منتخبات الكرة بمختلف فئاتها السنية للرجال والسيدات.
وبحسب الموقع الرسمي لفيفا، فإنه منذ وصول فوزي لقجع لمنصب الرئيس، عملت الجامعة على تطوير البنية التحتية الرياضية في البلاد، من خلال إنشاء ملاعب جديدة وتطوير الملاعب الموجودة، حتى أصبح المغرب قادرا على استضافة كأس أمم إفريقيا 2025 من خلال 9 ملاعب دولية، وينتهي الأمر بنجاح ملف استضافة كأس العالم 2030 رفقة إسبانيا والبرتغال.
أكاديمة محمد السادس.. رؤية ملكية كروية
أنشأ الملك محمد السادس برؤيته المتبصرة أكاديمية محمد السادس لكرة القدم عام 2009 التي بلغت تكلفتها 13 مليون يورو، وكان الهدف من ذلك تطوير الرياضة وكرة القدم بالتحديد في المغرب، وهو ما أثمر نتائج مبهرة خاصة أنها أدمجت الرياضة في الدراسة لتعطي جيلا من الرياضيين من المستوى العالي يفيدون المغرب والمنتخبات الوطنية.
وتحتوي الأكاديمية على فضاء مخصص للدراسة يضم 10 قاعات تدريس، وقسما للطب الرياضي، ليتم العمل بأحدث الطرق التقنية لإنتاج المحترفين في العالم، إذ ساهمت الأكاديمية في إخراج العديد من المواهب الذين حملوا قميص المنتخب الوطني الأول على رأسهم يوسف النصيري ونايف أكرد ورضى التكناوتي وحمزة منديل وعز الدين أوناحي، بالإضافة إلى 9 لاعبين ينتمون لمنتخب تحت 17 عاما، و6 ينتمون لمنتخب أقل من 20 سنة، و7 لاعبات من منتخب السيدات، لتتحول الأكاديمية لمنجم ذهب لمختلف منتخبات الوطنية، ونواة لتحقيق العديد من الإنجازات في المحافل الدولية.
الأندية الوطنية.. مغرب آخر
عكس المنتخبات الوطنية تعيش أندية الدوري الوطني مشاكل جمة تتناقلها وسائل الإعلام بشكل يومي عبر أزمات مالية وتقنية تجعل غالبية الفرق تعيش على إيقاع الديون وتعجز عن دخول سوق الانتقالات الشتوية والصيفية ولا تتعدى مصاريفها الثلاث ملايير للفرق العادية في القسم الأول وتصل لعشرة لكبريات الأندية وهو رقم عادي مقارنة بكبريات الأندية في كبرى الدول داخل القارة السمراء وخاصة في مصر وتونس وجنوب إفريقيا.
العصبة الاحترافية تلعب آخر الحلول
وجدت الجامعة مشاكل جمة في السير بنفس إيقاع المنتخبات مع الأندية الوطنية تجد نفسها مجبرة لخلق العصبة الاحترافية لكرة القدم من أجل رمي كرة المشاكل نحوها وابتعادها عن كل ما يعيق تألقها في مسارها الدولي.
وتحاول العصبة الاحترافية السير بسرعة أكبر لتأسيس أندية مغربية بنوعية احترافية عبر خلق شركات رياضية اتفق الجميع أنها السبيل الأساسي للرفع من إيقاع الأندية المغربية عبر سياسة دخول كبريات الشركة لشراء أسهم الأندية والاستثمار فيها خاصة أن الرأس المال البشري ألا وهو الجمهور متواجد في المدرجات المغربية والمتابعات التلفزيونية.
وتعول العصبة الاحترافية أيضا على الاستثمار في مجال التكوين لتنشئة لاعبين من المستوى العالي في الأربع سنوات المقبلة، خاصة مع الاتفاقية الجديدة التي وقعتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم مع المكتب الشريف للفوسفاط لدعم المشروع الذي يعول عليها الجميع ليون بداية النهضة الأولى للكرة المغربية على صعيد الأندية لالتحاقها بتألق المنتخبات الوطنية.