هل كنت مؤمنا بحظوظ الرجاء وقدرته على الظفر بلقب كأس إفريقيا رغم كل الإكراهات؟
المدرب الذي لا يؤمن بحظوظ فريقه ليس مدربا، لهذا آمنا جميعا بقدرتنا على انتزاع اللقب من قلب الجزائر، بالرغم من إكراهات مباراة الذهاب. أذكر أنه قبل السفر إلى وهران، اتصل عبد اللطيف السملالي، وزير الرياضة السابق، بإدارة فندق بالمحمدية حيث كنا نقيم معسكرنا، وطلب الحديث معي. كانت الساعة تشير إلى العاشرة مساء وكان اللاعبون في غرفهم، قال لي: «اجمع ليا اللعابة أنا جاي». هيأت القاعة وأشعرت سعدان وطفت على غرف اللاعبين فدعوتهم لاجتماع طارئ، وبعد أقل من نصف ساعة حل بالفندق وزيران المعطي بوعبيد الوزير الأول والسملالي وزير الرياضة، كان أغلب اللاعبين في غرفهم لكنهم نزلوا إلى بهو الفندق وهم ينتظرون ما سيأتي به المسيران الكبيران بوعبيد والسملالي.
ما الرسالة التي جاء من أجلها المعطي بوعبيد وعبد اللطيف السملالي؟
في حدود الساعة العاشرة والنصف كان اللاعبون وأفراد الطاقم التقني في قاعة الاجتماعات، ساد الترقب الجميع فلا أحد كان يعرف سبب الاجتماع الليلي وموضوعه. افتتح بوعبيد الاجتماع وأخبر اللاعبين بالرسالة التي ناب عن الملك الحسن الثاني في تبليغها، وقال بالحرف إن «ملك البلاد يطلب منكم العودة إلى المغرب محملين بكأس إفريقيا». كان هذا مطلب الملك الذي زاد من الضغط الذي رافق المباراة وتبين للاعبين أن المهمة أكبر من مجرد الظفر بالكأس، بل المسؤولية تتجاوز ذلك إلى مهمة وطنية نتحملها جميعا، وعلينا أن نحقق مطلب ملك البلاد. فهم الجميع أسباب هذه الرسالة المحملة بملتمس وطني، وتبين أن الخلاف القائم بين المغرب والجزائر هو الدافع وراء الرسالة المولوية، من هنا أصبحت المهمة تتجاوز ما هو كروي إلى ما هو وطني سيادي، خاصة حين يتعلق الأمر بقضية الصحراء المغربية.
ماذا عن الأجواء التي رافقت مباراة الإياب في وهران؟
رغم الصراع القائم بين الجزائر والمغرب، فإن الحدود بين البلدين كانت مفتوحة، كان المغاربة يدخلون الجزائر وكان الجزائريون بدورهم يزورون المغرب عبر الحدود البرية. لهذا حل بمدينة وهران عدد كبير من مناصري الرجاء الرياضي، فئة واسعة منهم مرت عبر وجدة وصولا إلى وهران.. لكن الشيء الذي لفت نظري هو الجو العام الذي ميز مدينة وهران وأحياءها، فقد كان أنصار المولودية يستعدون للاحتفال باللقب الإفريقي، اعتقادا منهم أن هزيمتهم بفارق هدف وحيد قابلة للتذويب، لذا انتصبت الحفلات وساد الاعتقاد بأن الكأس لن تغادر وهران. أتذكر مشهدا لم يفارق ذهني حيث وضعت أطباق الكسكس في شوارع وأزقة حي الحمري، معقل الفريق الوهراني، لكن للأمانة فالفريق الجزائري كان يملك خيرة اللاعبين الجزائريين، وكانت النتائج التي سجلها في التصفيات الإفريقية جعلت منه مرشحا حقيقيا للظفر بالكأس القارية.
مدرب الرجاء كان الجزائري رابح سعدان، كيف عاش هذا الموقف، حين وجد نفسه في مواجهة أبناء بلده؟
سعدان عاش ضغطا رهيبا لا يمكن وصفه، لقد كنت إلى جانبه رفقة المدرب المساعد جرير حمان وكان يكشف لنا عما يحمله في قلبه من ضغط رهيب، سيما وأنه تعرض، منذ وصوله إلى وهران، لانتقادات لاذعة من طرف أنصار المولودية ومن الجمهور الجزائري بصفة عامة. لهذا كان يمني النفس بالفوز في هذه المباراة، حتى يؤكد لمواطنيه أنه أهل لتدريب المنتخب والأندية وأن هجرته إلى المغرب أثمرت فريقا قادرا على انتزاع الكأس من وهران وحمله إلى الدار البيضاء.