رياضة العرب | Arabs-Sport

التزوير يحلق في سماء الكرة

حسن البصري

يعتقد المتتبعون لقضية «مول الماستر» أن الجامعات هي وحدها مناجم استخراج الشهادات العليا، ومصفاة لتكرير الدبلومات.

بالرجوع إلى البلاغات الصادرة عن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، تستوقفنا قراراته القاضية بإيقاف أنشطة مدربي كرة القدم، الذين ثبت إدلاؤهم بشهادات تدريب مزورة، أو تحمل شبهة تزوير.

أعلن «الكاف» عن إيقاف التونسي رفيق المحمدي، المدرب السابق لفريق النجم الرياضي الساحلي التونسي، والمصري عادل أحمد عبد الرحمن، والمغربي يوسف روسي، قبل أن يطعن في القرار، ومواطنه مصطفى حجي وغيرهم من الأسماء التي صودرت أوراقهم وخططهم، ثم أدينوا بخمس سنوات توقيف عن مزاولة أي نشاط رياضي، باستثناء الحق في متابعة نتائج المباريات، تطبيقا للمادة 135 من قانون الانضباط داخل الجهاز المسؤول عن كرة القدم بالقارة الإفريقية.

عندما فتحت لجنة الانضباط التابعة للاتحاد الإفريقي تحقيقا في مجموعة من ملفات المدربين، خلصت إلى ثبوت تدليس في الشهادات التدريبية لعدد لا يستهان به من المدربين، خاصة في دول إفريقيا.

«الكاف» أرحم من القضاء، لأن قراراته تتوقف عند تجميد الصفة، دون أن يعمق البحث ليسقط مزور الشهادة وكاتبها وجالسها وحاملها، قبل أن تصل إلى المدرب المحمولة إليه.

إذا كانت شهادات المدرب مزورة فأكيد هناك شخص مزور أو شبكة تزوير، وهناك أرباح مالية ومكاسب تقنية، وهناك جهات يفترض أن تكون رادعة، لكنها تؤمن بأن الصمت حكمة.

حين رفضت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، في عهد علي الفاسي الفهري، الترخيص للمدرب أوسكار فيلوني بتدريب فريق بالبطولة الوطنية الاحترافية، طرق باب الرئيس وسأله:

يا علي.. كيف تمنعونني اليوم من تدريب فريق مغربي وقد أشرفت على تدريب فرق مغربية وجزائرية وتونسية وليبية ومصرية وسورية وإيفوارية وجنوب إفريقية، بالشهادة نفسها التي طعنتم في صحتها؟

جاءه الرد بعد أن أصبح في عداد الموتى:

السيد أوسكار المحترم.. إن شهادة التدريب التي تتوفر عليها لا تتلاءم وضوابط «الكاف».

ليس أوسكار هو المدرب الوحيد الذي تم تعليق مسؤولياته ومصادرة عقوده، بل هناك عشرات المدربين الذين يملكون شهادات تدريب ممنوعة من الصرف، لكن لجنة اعتماد الشهادات همست في آذانهم وقالت لهم: انسحبوا في صمت فانفضوا من حولها.

حين انفجرت فضيحة بائع الشهادات بالتقسيط وبأسعار تفضيلية، أغلقت المطابخ التي كانت تطبخ فيها الدبلومات، وأعدمت الأختام وتكسرت الإطارات التي زينت الشهادات.

حين سقطت الأقوال المأثورة التي كتبت على جدران مدارسنا بالتقادم، وانتهت صلاحية «من جد وجد»، وخضعت مقولة: «العلم نور والجهل عار» التي انتصبت في مدخل مؤسستنا، لتعديل اضطراري، فأضحت أقرب إلى «العلم نور والدبلوم مستعار»، دخل الفكر بورصة القيم وأصبح رهين تقلبات العرض والطلب.

لا تقتصر شبهة تزوير الشهادات على المدربين الذين يهوون القفز الثلاثي، بل تمتد إلى بعض المحللين الرياضيين، الذين يقولون ما لا يفعلون ولا يجدون حرجا في تقديم فتاواهم في الخطط التكتيكية وفي الطب الرياضي والحكامة.

أحدهم يتحسس رأسه منذ سقوط قيلش، ويخشى أن يطرق بابه يوما محقق، ليسأله عن سر حصوله على الإجازة بدرجة جريء جدا، دون أن تكون في حوزته شهادة بكالوريا. إنه نموذج من بين نماذج عديدة تجيد لعبة القفز بالزانة.

ولم يخطر على بال رئيس فريق مغربي مصنف أن المعد الذهني الذي انتدبه يملك شهادات مزورة، وأنه اشتغل في عالم الرقية الشرعية وحاز على بطولات.

حين طالب المغاربة بتنزيل قانون «من أين لك هذا»؟، انصب اهتمام المحققين على الأرصدة المالية للمسؤولين، لكنهم لم يطرحوا السؤال الحقيقي: «من أين لك هذا الماستر وهذه الشهادات العليا»؟

«ولي بغا الماستر يبغيه بقلالشو».

التزوير يحلق في سماء الكرة

Exit mobile version