أن تكون مشجعاً لباريس سان جرمان عليك أن تتعامل مع الأحكام المسبقة لنظرائك في كافة الأندية الفرنسية بسبب هيمنة وثراء النادي الباريسي، فكيف الحال إن كنت تعيش في مرسيليا حيث الخصومة تصل إلى حد الكراهية والأذية.
يتفاخر جمهور مرسيليا أن فريقه يبقى المتوج الوحيد بين أندية فرنسا بلقب دوري أبطال أوروبا الذي أحرزه عام 1993 على حساب الكبير ميلان الإيطالي، بالفوز عليه بهدف بازيل بولي على الملعب الأولمبي في برلين.
بعد ثلاثة أيام وبعدما فوّت عليه الفرصة عام 2020 بالخسارة أمام بايرن ميونيخ الألماني 0-1 في لشبونة خلف أبواب موصدة بسبب جائحة كوفيد، سيكون سان جرمان أمام فرصة الانضمام إلى مرسيليا حين يواجه إنتر الإيطالي في نهائي المسابقة القارية في ميونيخ أيضا، لكن على ملعب “أليانتس أرينا” الخاص ببايرن.
وكما الحال في كافة المدن الفرنسية، لسان جرمان جمهوره المقيم في مرسيليا وستكون ليلة السبت مميزة جدا له، لكنه لم يتمكن من الاستمتاع بها بالطريقة التي يريدها لأنه متواجد على “أرض” الخصم اللدود الذي ينظر إلى نادي العاصمة كـ”مُفسِد” للكرة الفرنسية بسبب الأموال التي جعلته يهيمن على اللعبة في بلاده منذ عام 2011.
جلب مشجعو سان جرمان عشقهم للنادي معهم إلى “أرض” الخصم. ورغم أنه من الصعب جدا التعبير عن هذا العشق علنا، لكن الأمر ليس من المستحيلات لأننا “هنا على الأقل، نتحدث عن كرة القدم حتى لو كان الأمر يتعلق بمرسيليا”، وفق ما أفاد ماتيو.
ويكشف أكسيل، وهو أستاذ يبلغ من العمر 29 عاما ومحاط بـ”مشجعي مرسيليا المتشددين”، إن “مشجعي مرسيليا سعداء جدا بكره باريس، إنه (الكره تجاه نادي العاصمة) يجمع الناس”.
في عمله، اكتشف أوليفييه في أحد الأيام ملصقا لجرمان على سلة المهملات، لكن ذلك ليس من باب الخصومة المؤذية بل “نقضي حياتنا في مزاح بعضنا البعض، ونضحك”.
لكن لا يمكن الحديث عن مزاح في ما يتعلق بالمشجع الباريسي الآخر يزيد سعيود الذي تلقى صناديق تحمل شعار “باريس سان جرمان” على مكتبه بصحبة نعش.
يتحدث مدير إحدى الجمعيات البالغ 38 عاما والوحيد الذي وافق على ذكر اسمه، عن ذلك قائلا “نحن عند تقاطع بين الفكاهة والجدية.. هناك دائما شيء ما (قريب من الإهانة والأذية)”.
يرى أن التدفق الكبير للباريسيين إلى مرسيليا خلال فترة تفشي جائحة كوفيد يثير تساؤلات حول الهوية والتغيير الاجتماعي في أفقر مدينة في فرنسا.
ويقول يزيد الذي يرى أيضا “رسالة سياسية في ذلك”، إنه “في كل مرة أتناقش فيها مع أشخاص من مرسيليا، أسمع عبارات مثل: أنت وفريقك من أصحاب الملايين وأنتم تملكون المال ونحن لا نملكه، ودائما ما يزج أحدهم بعبارة الأول دائما”، وهي العبارة المُفضلة لدى جماهير مرسيليا للتذكير بأنهم الفريق الفرنسي الوحيد المتوج بلقب دوري الأبطال.
بالنسبة لماكسيم البالغ 38 عاما، فقد استجاب لنصيحة أصدقائه: “لا تُفصح عن اسم عائلتك أو مكان إقامتك” كمشجع لسان جرمان في المدينة الجنوبية المتوسطية.
والسؤال الذي يطرح نفسه جديا، هل من الخطر تشجيع سان جرمان في مرسيليا؟
من المستحيل مشاهدة النهائي من هنا
في عام 2020، أثار رئيس شرطة منطقة بوش-دو-رون في حينها ضجة بمحاولته حظر ارتداء قميص سان جرمان لمنع الاضطرابات العامة خلال نهائي دوري أبطال أوروبا بين النادي الباريسي وبايرن ميونيخ.
في ذلك الوقت، انزعج أوليفييه كثيرا لرؤية هذا العدد الكبير من مشجعي مرسيليا في الشوارع يرتدون ألوان بايرن، ويتذكر جيريمي “سماعي أشياء في الشارع، في المطاعم، تكاد أن تصنف كراهية”، وهذا الأمر “صدمني حقا”.
بالتالي، ارتداء قميص سان جرمان في الشارع “كيف لي أن أصف ذلك؟ عمري 39 عاما، أب لعائلة، وأعلم أنه من الممكن مصادفة أغبياء في أي مكان”، وفق ما أفاد جيريمي الذي يعمل في المجال السمعي والبصري.
في ناديه الرياضي، يرتدي ماتيو قبعة “هنا، باريس!”، وهي تعادل شعار مرسيليا “دروا أو بوت”، أي مباشرة نحو الهدف.
لكن بالنسبة له، القبعة أقل استفزازا من القميص، ومع هذه القطعة الصغيرة، يشعر وكأنه على سجيته.
ذهب ماتيو وجيريمي معا إلى “ستاد فيلودروم” الخاص بمرسيليا ثلاث مرات لمشاهدة فريقهما المفضل يتواجه مع خصمه اللدود، لكن بشيء من “التخفي”، إذ تظاهرا بعناق بعضهما بعد تسجيل صاحب الأرض.
بالنسبة لماتيو، سيكون كل شخص مسؤولا عن نفسه السبت إذ “من المستحيل مشاهدة النهائي من هنا” لأنه “إذا فزنا، لا يمكنني الاحتفال، وإذا خسرنا، سأنجر مع التيار”، أي أنه سيتظاهر بالاحتفال مع مشجعي مرسيليا.
لهذا السبب، اشترى تذكرة سفره إلى باريس، وهو متأكد من أن محطة سان-شارل ستمتلئ بمشجعي سان جرمان يوم السبت. في الواقع، جميع القطارات ممتلئة وهو يخطط مع اصدقائه للانتظار حتى دخول القطار لارتداء قمصانهم.
هل هم مصابون بالوسواس؟ ليس تماما بحسب للشرطة التي “رصدت خطر الاحتفال في الأماكن العامة” في حال فوز… إنتر.
أثار دعم النجم السابق زين الدين زيدان، ابن مرسيليا البار، وبازيل بولي، بطل تتويج 1993، لسان جرمان في نهائي السبت غضب العديد من المشجعين حيث لا مكان للمزاح في ما يخص الخصومة مع نادي العاصمة، وأبرز دليل ما حصل العام الماضي حين تسببت الشراكة بين بيرنو ريكار، عملاق الباستيس والمشروبات الروحية في مرسيليا، وسان جرمان سخطا كبيرا ما أدى إلى فضها.
وبالقرب من الميناء القديم، من النادر جدا أن تجد حانات مثل “أوماليز” مستعدة لاستقبال مشجعي سان جرمان، لكن مالكها يُحذر: لقد اشترى قمصان إنتر للنادلين العاملين فيها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news