رياضة العرب | Arabs-Sport

كسيدة أخرى

 

 

حسن البصري

 

تعرض محمد أمين بنهاشم، مدرب الوداد الرياضي لكرة القدم، لحادث مروري في الولايات المتحدة الأمريكية، رفقة طبيب الفريق عبد الرزاق هيفتي، وإداري النادي يوسف الدباغ، والمؤطر علي، وطبعا السائق الذي قاد السيارة لمعانقة شجرة.

نهنئ طاقم الوداد على سلامته، ونشكر إدارة النادي التي بادرت إلى إصدار بلاغ يوضح حقيقة الحادث، قبل أن تشرع صحافة الإثارة في نسج خيوط الواقعة وتحويلها إلى فاجعة قابلة للتداول في منصات التواصل الاجتماعي، خاصة في ظل وجود فيلق إعلامي يؤمن بأن إكرام «المريض» دفنه، والحصيلة قتل عدد من نجوم الرياضة وهم على فراش المرض.

في حادثة طاقم الوداد، تجدد مشهد عناوين الإثارة التي حكمت على بنهاشم ومن معه بالإقامة الجبرية في غرفة العناية المركزة، مقرونة بعبارة: «خطير».

ولأن حملة ميكروفونات الإثارة يجدون ضالتهم في التجمعات الدامية، فقد انتشروا في محيط المستشفى بحثا عن تصريح منفلت، أو لقطة قادرة على جلب الإعجاب والمتابعة.

في حادثة طاقم الوداد بلاغ من النادي يشيد بتدخل السلطات المحلية، وكأن كاتبه لا يعلم أن التدخل الأمني والطبي في الولايات المتحدة الأمريكية، تجاوز حدود المسعفين والدراجين إلى الاختصاصيين النفسيين.

قد يكون مدرب الوداد محظوظا، لأنه تعرض لحادث مروري وبرفقته طبيب عظام، حرص على تقديم الإسعافات الأولية لمرافقيه، وأمن التواصل الطبي مع الطاقم المسعف الذي حل بمكان الحادث.

نفس الحظ الذي نستشعره حين يرافقنا في رحلة سفر شخص له معرفة بميكانيك السيارات، خاصة إذا كانت سيارتنا تعاني من عسر هضم الوقود وتنتابها حالة ربو ميكانيكي.

حادثة بنهاشم ومن معه، ليست هي «لكسيدة» الحقيقية في مشوار الوداد في مونديال الأندية، هناك «كسايد» أكثر ألما من معانقة السيارة لشجرة في الشارع العام.

عندما يتعاقد رئيس الوداد الرياضي مع لاعبين أجانب لفترة لا تتجاوز شهرا واحدا، بمبالغ مالية فلكية، فتلك «كسيدة» أخرى لا تخلف خسائر في الأرواح، ولكنها تكبد النادي خسائر في ماليته.

يبدو أن سومة اللاعب السوري عمر السومة، غالية جدا بالنظر إلى فترة انتدابه القصيرة، وهو الذي كان آخر الملتحقين بمقر إقامة النادي، وقد تنتهي صلاحيته مع الوداد مباشرة بعد مباراة العين.

حين كان الوداد يخوض مباراته الافتتاحية أمام مانشستر سيتي، كان لاعبه السوري عمر السومة يقف في الطابور ينتظر دوره في استنطاق التأشيرة الأمريكية، ونحن نعلم مسالك الاستنطاق الأمريكي حين يتعلق الأمر بطالب تأشيرة ينتمي إلى بؤر التوتر السياسي.

«كسيدة» أخرى، حين يضم فريق الوداد لاعبين من سبع جنسيات مختلفة، في حقيبة كل واحد منهم علم بلاده، وفي الأذهان عادات وتقاليد تحول المجموعة إلى تجمع متنافر، يستعصى على المدرب لمه في ظرف زمني لا يتجاوز الشهر الواحد.

ولأن الحبة والبارود من دار «الفيفا»، فإن المال السائب الذي أريق على جوانب مونديال الأندية شجع الرئيس على استدراج لاعبين لهم استعداد للتفاوض حول دورة كروية، «فورفي»، سواء أتأهل الفريق، أم لم يتأهل، المهم أن يتقاضى في شهر واحد ما لا يتقاضاه لاعب محلي في عام.

هناك «كسيدة» نفسية لا ينتبه إليها مسؤولو الوداد، خاصة الطاقم التقني، وتكمن في إقصاء لاعبين واعدين أظهروا في أول اختبار قدرتهم على الانصهار في المجموعة، وحين حلوا بأمريكا كتب لهم أن يتحولوا إلى سائحين يقضون سحابة يومهم في غرف «الإنستغرام».

لم يستخلص بنهاشم الدرس من المان سيتي واليوفي، وهو يعاين حجم ثقة مدربي الناديين الإنجليزي والإيطالي في لاعبيهم الواعدين، وإيمانهم بأن العطاء ليس بالسن دوما.

في جميع الحالات نأمل ألا يخرج الوداد من المولد المونديالي بلا حمص، وأن ينقذ ماء الوجه بفوز على العين التي لا تعلو على الحاجب.

 

 

 

 

كسيدة أخرى

Exit mobile version