كتب: وليد جودة
احتفاء واحتفال، بل مهرجان، حالة من النشوة عمت أنصار ريال مدريد بوصول الخبر الذي انتظروه كثيراً، إقالة بينيتيز واختيار الأسطورة لخلافته، زين الدين زيدان في واجهة ريال مدريد من جديد، فرحة ملكية لا مبالغة فيها لو اعتبرناها تضاهي فرحة الكأس العاشرة ذات الأذنين.
كابوس عاشه النادي الملكي بإدارته ولاعبيه وجماهيره في فترة المدرب “المخلوع” رافا بينيتيز، حالة الإجماع على ضرورة إقالة رافا كانت بشكل غير مسبوق من الجميع وليس فقط محبي الميرنغي، فكل عاشق لكرة القدم الجميلة كان آسفاً لحالة الريال الذي يمتلك كوكبة من النجوم الكبار، بإستثناء أبناء كتالونيا بالتأكيد !
خشية وترقب ..
الآن، وقت زيدان، الرجل الأسطوري لريال مدريد وفرنسا يخوض مغامرة حقيقية بقبوله مهمة تدريب ريال مدريد في هذه الفترة بالذات، وبات عليه أن يخوض العديد من التحديات والتغلب على عديد العقبات، للوصول إلى النجاح في حلمه الشخصي بقيادة الريال إلى بر الأمان، وهو الحلم الذي طالما راود المدريديستا طويلاً.
البعض يخشى على الزين من الفشل وتشويه صورته الماسية في أذهان محبيه وعشاقه، مستندين على واقع مرير يعيشه الريال وانعدام رفاهية الصبر لدى جماهيره، وقلة الخبرة لدى الرجل الأمازيغي وعدم وضوح بصمته في تدريب أبناء الكاستيا، لكن الواقع يقول بأن جماهير الريال التي تكاد تصل إلى مرحلة التقديس لزيدان ستكون أقل شراسة و حدة في التعامل مع فشله إن حصل، وسيبقى أسطورة خالدة في سجلاتهم كما حصل سابقاً مع ألفريدو دي ستيفانو الذي لم ينجح كمدرب لكنه بقي أيقونة خالدة في تاريخ الميرنغي.
نقطة مهمة لكل مدرب يمر على ريال مدريد تتعلق برئيسه فلورنتينو بيريز، الذي بات مشهوراً بإقصاء مدربيه، لكن الحكاية مع زيدان تبدو مختلفة والحسابات ستكون أكثر تعقيداً، فبيريز وربما للمرة الأولى سيجد نفسه أمام شخصية تحظى بكل الدعم والشعبية، تحظى بإحترام الجميع، شخصية تملك رصيداً عند المدريديين أكثر من أي شخص آخر، أكثر حتى من بيريز نفسه!
زيزو وبيب …
زيدان كان قائداً في الملعب، بل كان مدرباً ثانياً في أرض الميدان، يمتلك الحكمة والتأثير، لديه الكاريزما اللازمة للسيطرة على خصومه قبل زملائه كلاعب، ولاعبيه كمدرب الآن، الكثيرون يعقدون الآمال عليه بتكرار تجربة غوارديولا مع برشلونة، وإن كانت الحكاية بين الرجلين مختلفة، بيب كان لاعباً جيداً لا أكثر لكنه نجح في تشرب الفكر الكروي من يوهان كرويف كما يجب، وعكس ذلك في تجربته الناجحة، لكن زيدان تنوعت مصادر فكره بعمله تحت إمرة العديد من الكبار في عالم التدريب مثل مارتشيلو ليبي وفيسنتي ديلبوسكي وإيميه جاكيه، وكان ذكياً في رغبته بالاستزادة من العلم بمعايشته فترات تدريبية مع مارتشيلو بييلسا في مارسيليا وحتى غوارديولا نفسه في بايرن ميونخ، التجربة والأحوال والظروف بين بيب والزين مختلفة، وقد تكون النتائج مختلفة، وقد تتشابه الحكاية.
العقبات والعمل الكبير ..
كثيرة هي العقبات التي سيواجهها زيزو في فترته الحالية، أول هذه العقبات ستكون بتحمل الضغوط التي باتت مسلطة عليه منذ اللحظة الأولى وتنصيبه مشعلاً للأمل في قلوب المدريديستا، زيدان عليه أن يحول هذه الضغوط إلى طاقة إيجابية ينقلها إلى لاعبيه ونجومه، لمساعدته في تجاوز العقبة الثانية والتي تتمثل في إزالة كل “القذارة” التي تركها بينيتيز في البيت المدريدي، وإعادة الروح في أجساد لاعبيه.
زيدان لا يمتلك العصا السحرية، لكنه يمتلك من الذكاء والحنكة ما يجعله قادراً على تحويل حب واحترام الجميع له إلى نقطة ارتكاز نحو النجاح، فهو قادر على إشعار راموس بقيمة مسؤوليته كقائد للفريق، وقادر على بث الروح في فاران من جديد وتحويله لأفضل مدافعي العالم كما يتوقع الكثيرون، قادر على منح إيسكو وخاميس الفكر اللازم لصقل مهاراتهما وتطويعها فيما يخدم مصلحة الفريق، ولديه القدرة لإعادة فسحة الأمل لكل من كروس ومودريتش لرسم لوحات الإبداع في وسط الملعب، وإكساب بنزيما الثقة اللازمة لإخراج كل ما لديه حتى نقطة العرق الأخيرة.
الأهم، أن زيدان سيجبر رونالدو على الاستفاقة، حكاية رونالدو لا تختلف عن حكاية بيريز، فالبرتغالي سيجد نفسه أمام رجل تطغى نجوميته على الجميع، رجل يمتلك الرصيد الأقوى حتى من الدون الذي سجل اسمه في تاريخ النادي بكسر كل الأرقام القياسية، زيدان لديه عمل كبير مع كرستيانو رونالدو.
العقبة الأصعب ..
لا مفر منها، و لا تأتي من داخل ريال مدريد، هي عقبة MSN برشلونة، زيدان يدخل هذا التحدي في مواجهة برشلونة عظيم بقيادة هذا الثلاثي، وعليه أن يقوم بعمل كبير للغاية من أجل إعادة فريقه إلى مستوى المنافسة والندية، وعليه أن يعمل جاهداً على استغلال نقط الضعف الموجودة لدى لويس إنريكي والتي فشل في اقتناصها آنشيلوتي و بينيتيز، زيدان يأتي في لحظة التوهج الكتلونية والتي يمكن أن نسميها الثورة الرابعة في الكامب نو بعد ثورات كرويف في التسعينات وثورة رونالدينهو ورفاقه منتصف الألفية، والثالثة الثابتة كانت ثورة غوارديولا.
شيء من الواقعية ..
الحديث لا ينتهي، والجميع متشوق لرؤية زيدان على خط تماس البيرنابيو يوجه التعليمات لكتيبة الملكي، لكن الواقعية يجب أن تأخذ نصيبها من الحكاية، فلا يمكن لأحد أن يطالب زيدان بتجاوز كل العقبات في نصف موسم وأن يحصل مع الفريق على لقب ما، الرجل يدخل مغامرة مستلماً تركة مهترئة وجسد يحتضر، وعليه أن يحصل على الوقت الكافي، وليبدأ كشف الحساب في الموسم الجديد، وإن كان نصيبه الفشل، فالأكيد أن سيبقى الأسطورة !
