إسلام صُبيح-رياضة العرب
ربما لا يحظى محمد النني بالشعبية الجارفة في الأوساط الكروية المصرية لكن اللاعب المصري كان حديث الساعة في الأيام الأخيرة، فلم يكن هناك صوت يعلو فوق صوت انتقال النني لآرسنال.
كما تابعت الجماهير المصرية بشغف تداعيات انتقاله للجنرز منذ بداية الارتباط بالفريق اللندني وحتى انتهاء الصفقة والإعلان الرسمي عنها.. وفي ذلك إشارة واضحة لقيمة كرة القدم وما يمكن أن تفعله بالشعوب، فما تفسده السياسة يمكن أن تصلحه كرة القدم، ومن فرّقتهم السياسة جمعتهم أيضاً كرة القدم، لذلك هي لم تعد مجرد لعبة بل أكثر.
وبعد أن شارك النني في 142 مباراة مع فريق بازل على مدار 3 مواسم سجل خلالها 9 أهداف وحقق لقب الدوري السويسري 3 مرات، يخطو النجم المصري اليوم خطوة هائلة في مسيرته الإحترافية وذلك بانتقاله للفريق اللندني في صفقة قدّرتها وسائل الإعلام بـ 7.4 مليون جنيه إسترليني وبراتب إسبوعي يصل لـ 60 الف إسترليني.
وفي هذا الموضوع سأحاول أن ألقي الضوء على صفقة إنتقال النجم المصري لصفوف المدفعجية في نقاط واضحة ومحددة، يمكن من خلالها أن نكون على دراية بما يمكن أن يضيفه محمد النني للفريق الإنجليزي العريق وما ينتظر النجم المصري من تحديات في ملعب الإيميريتس.
النني في أيدِ أمينة
بعد أن طرده “الأهلي” وخطفه “ياكين” المدير الفني السابق لبازل وطوّره “سوزا” وقدّم أفضل مستوياته مع “فيتشر”، ها هو “فينجر” يضع فيه كامل ثقته.. ومن اليوم فضاعداً سيتدرب محمد النني تحت القيادة الفنية للخبير الفرنسي أرسين فينجر، أحد أفضل المدربين في تطوير المواهب واستخراج أفضل ما لديهم وبالتالي خبرات كبيرة وفائدة قصوى يمكن أن يجنيها النجم المصري نظير عمله مع فينجر، ومن ثم فهو في أيدِ أمينة.
معاناة طويلة مع مركز الوسط المدافع
منذ رحيل باتريك فييرا عن ملعب “هايبري” في 2005 وآرسنال يعاني مع مركز الوسط المدافع، ومنذ ذلك الحين والفريق اللندني يجرب عديد اللاعبين في هذا المركز ولم يجد ضالته بعد.
بالتأكيد لا أريد أن أقول ان محمد النني هو باتريك فييرا الجديد في آرسنال لكني فقط أردت توضيح أن هذا المركز يمثل صداعاً في رأس أرسين فينجر منذ مدة طويلة، وبالتالي فكل لاعبي الوسط الذين أحضرهم فينجر حصلوا على فرصتهم كاملة حتى من لم يؤدوا جيداً.
وهو ما يفسر صبره على إصابات أبو ديابي المزمنة وإعادته لفلاميني مرة أخرى رغم كبر سنه وهبوط مستواه وكذلك إعاراته المتكررة لفرانسيس كوكلين وعدم التفريط فيه رغم أنه ليس ضمن الصفوة في هذا المركز ومع ذلك هو اللاعب الأساسي في آرسنال، وبالتالي فإن ذلك يمثل فرصة كبيرة أمام النني والذي يمكنه أن يقوم بهذا الدور.
كما أن فينجر في كثير من المواسم وجدناه يتخلى عن لاعب الوسط المدافع الكلاسيكي “DM” ليلعب بلاعبي محور “CM” فتاره نجد رامسي مع ويلشير أو كاثورلا مع رامسي أو أرتيتا مع ويلشير وفي فترات سابقة روزيسكي مع ويلشير أو روزيسكي مع فابريجاس.. وهو ما يجيده النني أيضاً.
النني تكتيكياً
هو لاعب حماسي يستطيع القيام بأكثر من دور في خط الوسط، يمكنه استخلاص الكرة وإفساد هجمات الخصوم ولديه القدرة على بناء الهجمة، لديه قدرات بدنية عالية وهو أمر مهم في الدوري الإنجليزي الممتاز، يمتاز برؤية جيدة للملعب وذكاء وانضباط تكتيكي كما يمتاز بقدرته علي قراءة اللعب والتسديد السليم من مسافات بعيدة وبالتالي فهو يمكن أن يقدم لمحات هجومية ولكن في رأيي أن أرسين فينجر سيحاول الإستفاده منه في الشق الدفاعي ومنح الحرية لرامسي وكاثورلا في الدور الهجومي وتغطية بيليرين ومنريال عند التقدم.
النني وفرص مشاركته
مع إصابة ويلشير وكوكلين وهبوط مستوى أرتيتا وفيلاميني، فأن النني سيحصل على فرصته في اللعب بكل تأكيد، وخصوصاً وأن الفريق اللندني لازال ينافس في أكثر من بطولة وسيتجه المدرب الفرنسي بالتأكيد للتدوير بين اللاعبين لتفادي الإصابات، كما أن المدرب الفرنسي لم يبرم صفقة مع لاعب إلا وأعطاه فرصة اللعب وحاول تطويره والاستفادة القصوى من قدراته.
القول الفصل
محمد النني سيحصل على فرصته في اللعب مع آرسنال بكل تأكيد لكن ظهوره بشكل جيد وتنفيذ تعليمات فينجر واستغلاله للفرص المتاحة له سيكون لها “القول الفصل” في تحديد مستقبل النجم المصري.. ولو تشبث النني بالفرصة وظهر بشكل جيد في تلك المرحلة الحاسمة من الموسم، من الممكن وقتها أن يلعب بشكل متواصل ولا يخرج من التشكيل الأساسي للفريق حتى مع عودة كوكلين المتوقعة بنهاية فبراير، لأنه وقتها سيكون من الصعب التغيير في هيكل الفريق الأساسي، وبالتالي سيكون ذلك بداية رائعة يمكن أن يبني عليها النجم المصري لما هو قادم ومحاولة تثبيت أركانه في ملعب الإيميريتس.
ثلاثة أمور مهمة
بالإضافة إلى انضباط محمد النني وسرعة تطوره وتأقلمه مع أجواء البريميرليج واستغلاله الجيد لفرصته كلما شارك.. هناك ثلاثة أمور مهمة في وجهة نظري على النجم المصري أن يعيها ويحذر منها للبقاء أطول فترة ممكنة في قلعة المدفعجية وأجواء الكرة الإنجليزية
أولاً- ضغط المنافسة: الدوري الإنجليزي يختلف كلياً عن الدوري السويسري والمقارنة غير واردة بين بازل وآرسنال، ومع شدة التنافس في البريميرليج وترشيح آرسنال للقب الدوري هذا الموسم تكون الضغوط كبيرة والتوقعات منه مرتفعة، وعلى النني أن يتعامل مع هذا الأمر.
ثانياً- الصحافة الإنجليزية: على النني أن يعلم أن الصحافة الإنجليزية لا ترحم كما أنها دائمة التركيز على الأخطاء، ومع أول خطأ منه سيكون مادة دسمة لكل الصحف وفي كل يوم، فكثيراً ما تسببت الصحافة الإنجليزية في فشل ورحيل عديد النجوم.
ثالثاً- فهم الثقافة الإنجليزية: وهي من الأمور المهمة جداً لدى الإنجليز، فخروج النني مثلاً للأماكن العامة مرتدياً قميص فريق منافس لا يمكن أن يمر مرور الكرام، وصبغ شعره بلون قميص فريق منافس ليس عادياً، ولنا في إبراهيم سعيد العبرة، عندما قام بصباغة شعره باللون الأحمر المميز لفريق ليفربول “الخصم اللدود لإيفرتون”.
وصرّح آنذاك بأنه لم يكن على علم بهذا الأمر وكان وقتها أول لاعب مصري يحترف بالدوري الإنجليزي الممتاز وأحد أفضل المدافعين في القارة السمراء، لكن ذلك كله لم يشفع له ولم تطأ قدماه أرض الملعب وخرج بِـخُفّيِ حُنَيْن.. وبالتالي على النني أن يفهم ثقافة الإنجليز وأن يعي جيداً تقاليد آرسنال.
الخلاصة
انتقال محمد النني لصفوف فريق آرسنال الإنجليزي أحدثّ حالة من السعادة الغامرة بين جموع المصريين والعرب ومثّل فخراً كبيراً ربما يطول لو استطاع النجم المصري أن يستكمل مسلسل تطوره المثير، وأن يلعب دوراً محورياً في فوز الفريق اللندني في الظفر بلقب البريميرليج الغائب عن خزائن المدفعجية منذ 2004، والأكيد أن انتقال محمد النني لناد بحجم آرسنال سيمثل دفعة هائلة في مشواره الكروي ستنقله من مصاف لاعبي الأندية المتوسطة إلى مستوى جديد يضم لاعبي عمالقة أوروبا وهو ما سيستفيد منه اللاعب بكل تأكيد مستقبلاً سواءً في حالة الاستمرار مع الفريق أو الرحيل لتجربة جديدة.