عقب نجاحه في إعادة إنجلترا للعب دورها بين الكبار بالوصول إلى نصف نهائي نسخة 2018، ونهائي كأس أوروبا 2020، فَقَدَ المدرب غاريث ساوثغيت، الكثير من ثقة الجمهور قبل المونديال القطري، بعد 6 مباريات من دون فوز في أسوأ سلسلة منذ 1993.لكن هذه السلسلة لا يجب أن تُنسي الجمهور الإنجليزي أين كان المنتخب قبل فترة ليست طويلة جداً، والحديث هنا عن الكارثة المزدوجة لكأس العالم 2014؛ حيث انتهى مشوار “الأسود الثلاثة” في الدور الأول، وكأس أوروبا 2016 حين أقصتهم آيسلندا المتواضعة من الدور ثمن النهائي (2-1).وبعد تعيين ساوثغيت مدربًا للمنتخب، تمكن “الأسود الثلاثة” من تجاوز حجم التوقعات بإيصال المنتخب الوطني إلى نهائي كأس أوروبا في صيف 2021، قبل الخسارة على يد إيطاليا بركلات الترجيح.الاستفادة من كل لحظةوصل ساوثغيت قبل ستة أعوام، في أطول مغامرة لمدرب مع المنتخب الإنجليزي منذ بوبي روبسون (1982-1990)، إثر نهاية محبطة لمشوار قصير مع سام ألاردايس، الذي سقط في فخ صحيفة كشفت أنه قدم نصائح حول “الالتفاف” على القواعد الخاصة بانتقالات اللاعبين. واستطاع المدرب الحالي لإنجلترا قيادة الفريق للوصول إلى أول نصف نهائي للمونديال في 28 عاماً، وذلك بأولى بطولاته الكبرى قبل أربعة أعوام في مونديال روسيا، قبل أن يكون قاب قوسين أو أدنى من منح “الأسود الثلاثة” لقب كأس أمم أوروبا الصيف الماضي.وفي تصريح أدلى به في مارس/ آذار الماضي، أوضح ساوثغيت: “قلت للاعبين إنهم لن يتعرضوا أبداً لضغط كأس أوروبا، حيث أقيمت معظم المباريات على ملعب ويمبلي، ولم تكن إنجلترا قد خاضت نهائياً منذ أكثر من 50 عاماً. كان الضغط رهيباً عليهم، لكن هذا الأمر يجب أن يمنحهم ثقة كبيرة، ويجب الاستفادة من كل لحظة (في قطر)، هذا مؤكّد”.وأعاد ساوثغيت تنشيط المنتخب من خلال إطلاق جيل ناضج بالاعتماد على لاعبين مثل كيران تريبييه، هاري ماغواير، الحارس جوردان بيكفورد أو ديكلان رايس، وجميعهم لاعبون محتملون في تشكيلة المباراة الأولى ضد إيران.بهدوئه وبراغماتيته التكتيكية والولاء الدائم للاعبيه مثل ماغواير الذي بقي ركيزة أساسية في المنتخب رغم مستواه المتواضع مع فريقه مانشستر يونايتد، يقارب ساوثغيت الأمور مع غض الطرف حيال أي انتقادات موجهة له.لكن ذلك لا يعني أنه ليس “مُطارداً” بما حصل في نصف نهائي مونديال روسيا 2018، حين تقدم رجاله على كرواتيا منذ الدقائق الأولى قبل الخسارة في النهاية 1-2، أو في نهائي كأس أوروبا الصيف الماضي، عندما تكرر السيناريو بالتقدم على إيطاليا منذ الدقيقة الثانية قبل تلقي هدف التعادل في الشوط الثاني والخسارة في النهاية بركلات الترجيح (1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي).تراجع مخيفبعد ذلك، تراجع مشوار المنتخب في دوري الأمم الأوروبية، حيث هبط إلى المستوى الثاني بعد 3 تعادلات و3 هزائم، بينها خسارة مذلة في وولفرهامبتون على يد المجر (0-4) في الجولة الرابعة، أدى إلى إضعاف ثقة الجمهور بساوثغيت وخططه.رغم ذلك، لم يتوانَ غريغ دايك عن الدفاع عنه، يوم الجمعة، لصحيفة “تايمز” البريطانية، قائلاً: “لم يحقق غاريث نتائج رائعة مع المخضرمين وحسب، بل ساعد في إعداد الكثير من الأشياء الجيدة. والآن، خسر بضع مباريات وبدأ الناس في مهاجمته. إنه شيء سخيف”.وقبل الذهاب إلى مونديال قطر 2022، وعلى غرار ما حصل قبل كأس أوروبا 2020، تضاعفت الدعوات إلى الاعتماد على مقاربة هجومية بحتة وأكثر جرأة؛ إذ كتب النجم والمدرب الاسكتلندي السابق، غرايم سونيس، في صحيفة “ديلي ميل”: “لو كنت مكانه، سأنقض على الإيرانيين بكل ما أوتيت من قوة. هل نحن بحاجة حقاً إلى لاعبي وسط مدافعين لهذه المباراة؟”. ولم يسلم ساوثغيت من سلفه السويدي سفن-غوران إريكسون، الذي تولى المنصب بين 2001 و2006، وقاد إنجلترا إلى ربع نهائي مونديالي 2002 و2006؛ إذ انتقده بسبب الخيارات الحذرة، لكنه بدا أكثر تفهماً من الآخرين.وقال السويدي لصحيفة “ميرور” البريطانية: “أستطيع أن أتفهم ذلك. لا نستطيع تحمل (تبعات) خسارة المباراة الأولى”.
اترك تعليقاً