مانسيناكش
حسن البصري
بدأت مأساتي حين رفضت الجامعة في عهد الفهري منحي رخصة التدريب رغم ما حققته من ألقاب
هل عرض عليك يوما تدريب المنتخب المغربي؟
رسميا لم أتلق أي عرض، لكن بعض المسؤولين النافذين في الجامعة تطرقوا لاسمي في فترة من الفترات، إلا أنهم صرفوا النظر عن الموضوع، وكنت صرحت بأنني مستعد لتدريب المنتخب المغربي بالشروط التعاقدية نفسها التي ربطتني مع أندية، لكن كان لهم رأي آخر، إلى درجة إقدامهم على تعيين أربعة مدربين للإشراف على المنتخب، هذا خطأ استراتيجي لأنه لا يمكن أن نصل بباخرة إلى شط الأمان بأربعة ملاحين. إذا قبلنا بحكاية التدبير المشترك للمنتخب الوطني، علينا أن نقبل بوجود أربعة رؤساء للجامعة، القرار في جميع مناحي الحياة يجب أن يصدر عن شخص كي يحاسب هذا الشخص وليس الجماعة. والمنطق يفرض أن يكون المنتخب المغربي الآن في صدارة تصنيف إفريقيا أو في أسوأ الحالات أن يكون ثانيا في التصنيف.
كانت التركيبة الرباعية وصفة مؤقتة..
إنها مجرد مسكن، لا يمكن أن نهدم بيتا وندمر النوافذ والغرف وكل الديكورات، ونستدعي مهندسا معماريا لبناء بيت آخر على أنقاضه. الكرة المغربية، بمواهبها وبعشق جماهيرها، قادرة على أن تستعيد مكانتها عالميا إذا توفرت الإرادة.
كنت على وشك تدريب المنتخب السوري، لكن مساعدك هو من ظفر بهذا المنصب، كيف حصل هذا التحول؟
حين تعاقدت مدربا رئيسيا مع نادي الاتحاد السوري، اشترطت على مسؤوليه تعيين مدرب مساعد يكون من اختياري، وفعلا وافقوا وتم التعاقد مع تيتا فاليرو مساعدا لي، وهو الذي يعرف الكرة المغربية والسورية وكان لاعبا في فريق الأولمبيك البيضاوي. فاليري كان يقوم أيضا بدور المعد البدني، وفي تلك الفترة دار حديث في الصحافة السورية عن إمكانية استدراجي لتدريب المنتخب السوري، إلا أن مشاكل مع مسيري الاتحاد السوري حالت دون ذلك وقررت فسخ التعاقد، حينها أسندت مهام التدريب لمساعدي تيتا مؤقتا قبل أن يتم ترسيمه ليصبح مدربا للمنتخب السوري عبر تألق فريق الاتحاد الذي كنت وراء جلب كثير من لاعبيه وتشبيب هياكله.
بالرغم من هذا المسار المتألق خارجيا، ستعود إلى المغرب للارتباط بفرق خارج محيط الدار البيضاء، كيف تم ذلك؟
انتقلت صيف 2009 لتدريب فريق النادي القنيطري، ولم أحصل معه على ألقاب لكني استطعت صنع مجموعة قوية من اللاعبين الشباب، وتركت اسمي محفورا في مدينة القنيطرة، خاصة في أوساط اللاعبين الشباب.
أقام مسؤولو الرجاء مباراة تكريمية على شرفك، لكنها لم تكن في قيمة أوسكار، كيف عشت تبعات هذه اللحظة؟
التكريم فعل معنوي، لكن في حالتي كان دون المستوى بكل صدق. فبالنظر إلى مسيرتي فتكريمي ليس مسؤولية الرجاء وحده بل مسؤولية كل الفرق التي حققت معها ألقابا ابتداء من أسيك ميميوزا. غير أن الجزء المظلم في مساري يبقى هو التهميش الذي تعرضت له من طرف الأندية المذكورة، بحيث دائما ما كانت تقدم لي وعودا بتكريم يليق بمسيرتي الحافلة بالإنجازات التي حققتها برفقتها، ويبقى هذا الوعد كلاما للاستهلاك.
قبل مباراة التكريم قيل إن فريقا أرجنتينيا كبيرا سيواجه الرجاء، قبل أن يتبين أن المنظمين اختاروا فريقا برتغاليا كان متواجدا في المغرب؟
تقرر، بعد فشل المفاوضات مع كثير من الفرق العالمية، أن تجمع المباراة التكريمية الرجاء البيضاوي وفيتوريا غيماريتش البرتغالي، ليس لي إلا أن أزكي هذا الاختيار وأعبر عن سعادتي بهذا التكريم والحفاوة التي استقبلني بها الجمهور الرجاوي. أذكر أن الجمهور الذي حضر رفع لافتة كبيرة كتب عليها: «أوسكار اسم لم يأت للكرة بالصدفة». للأسف البعض حاولوا تدمير هذه المبادرة بعد أن روجوا لإلغائها، علما أن الرجاء ساهم في تقليص الحضور الجماهيري حين أعلن خوض المباراة التكريمية بعناصر احتياطية، حيث غابت عنها مجموعة من الأسماء البارزة في تشكيلة الرجاء، وانتهى اللقاء بفوز الفريق البرتغالي بهدفين دون رد.
قيل إن حصيلة التكريم بلغت ثمانين مليون سنتيم..
فعلا هذا هو الرقم الذي تم التصريح به، لكني لا أعلم مدى صحته لأنني ببساطة لم أحصل عليه ولم يكن لي دخل في عمل اللجنة المنظمة التي أشرفت على المباراة. باختصار التكريم كبادرة شيء رائع لكن في تفاصيله تكمن هفوات عديدة. أحيانا تقبل بأي شيء حين تطوقك الأزمة المالية فتقول في قرارة نفسك: على الأقل هناك مبادرة من فريق ارتبط اسمك به.
لكنك ستقبل بالتعاقد مع فرق في أقسام الهواة، ما السبب؟
بدأت المعاناة الحقيقية بالنسبة لي حين صادرت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، في عهد الفاسي الفهري، حقي في التدريب، بدعوى كبر السن تارة وعدم توفر الشواهد تارة أخرى، ووجدت نفسي خارج منظومة ما سمي بالاحتراف. أدليت بشواهد في التدريب من الاتحادات الأرجنتينية والأوربية وشواهد في التحضير الذهني ولائحة الكؤوس والألقاب التي حصدتها لكنها لم تشفع لي، فتبين أنهم يحكمون علي بالوفاة لأنهم يعمدون إلى إخراجي من الماء وأنا كالسمكة أموت لمجرد انتشالي من حوض ماء. صدقني هذا الموقف المحبط حولني إلى زبون دائم للمصحات.
ألهذا قبلت عروضا من فرق أقل درجة؟
إذا كانت أقل درجة في تصنيف الكرة فهي أعلى درجة في الوفاء، فبعد هذا المشوار الكبير الذي يثقل سيرتي، وجدت نفسي فجأة مجبرا على قبول عروض من فرق من قسم الهواة، كنادي الرابطة البيضاوية وجوهرة كلميم ونجم الشباب. أراد مسؤولو هذه الفرق ضرب عصفورين بحجر، المساهمة في رد الاعتبار لي بتعييني مديرا تقنيا، والاستفادة من خبرتي الطويلة في مجال التكوين. ولأن المصيبة لا تأتي منفردة، فإن السيول التي اجتاحت مدينة كلميم أغرقت سيارتي التي كانت في ورشة ميكانيكي.