حسن البصري
تداول المغاربة على نطاق واسع مصطلح “الشناقة”، واعتبروا هذه الفئة من المضاربين أصل البلاء في ارتفاع مؤشر الأسعار.
لسنوات طويلة، ظل فيلق “الشناقة” متحصنا في البوادي يراقب أسواق المواشي، ويقوم بعمليات إحماء استعدادا لمنافسات عيد الأضحى، حيث يدخلون المباريات ويتحكمون في إيقاعها فيلهبون الأسعار ويتركون آثارا وخيمة على جيوب المستهلكين، تفقد العيد طعمه.
يشتري “الشناقة” المواشي ثم يعيدون بيعها بهامش ربح مريح، والضحية هو المواطن البسيط المشنوق من طرف المضاربين.
“الشناقة” كاللاعبين، هناك هواة يخوضون منافسات البطولات المحلية، ومحترفون يستوردون رؤوس الأغنام والأبقار ويستفيدون من دعم الدولة، ويلهفون ملايير الدعم دون أن يخفضوا للمواطن البسيط جناح الذل من الرحمة.
نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، انتفض ضد “الشناقة” وطالب بفتح تحقيق مع الذين راكموا الأرباح والثروات من مستوردي الأغنام والأبقار، بعد أن جنوا أكثر من 13 مليار درهم على حساب البسطاء، للوقوف على سر الغنى الفاحش الذي عانقهم وارتقى بهم إلى مصاف “لفراقشية”.
بعد قرار إلغاء شعيرة الذبيحة هذا العام، فإن أكبر الخاسرين هم “الشناقة” الذين حرموا من الهجوم على القدرة الشرائية الهشة للمواطنين البسطاء.
واهم من يعتقد أن فيالق “الشناقة” يرابطون فقط في الأسواق وحظائر المواشي والضيعات المصنفة وغير المصنفة، فلكل قطاع “شناقون” لهم استعداد فطري لتحقيق الربح السريع بوساطة عابرة.
في عالم كرة القدم، ينشط “الشناقة” بشكل رهيب فيمارسون أقسى أنواع المضاربات، يرفعون أسعار اللاعبين والمدربين ويتصدون لكل من رفع شعار تسقيف الأسعار.
ما أن يفتح باب “الميركاتو” حتى يخترق المشهد الكروي “فراقشية” تستهويهم أقدام اللاعبين وأدمغة المدربين، وتفتح لهم باب الاغتناء السهل، زادهم هاتف ذكي وشبكة علاقات وقدرة على الإقناع.
ولأن الكسب المالي مضمون، فإن اللعبة حركت شهية العديد من رؤساء الفرق وأعضاء المكاتب المسيرة وفئة من الصحافيين والمؤثرين، فدخلوا سوق النخاسة ترعاهم صفحات في منصات التواصل الاجتماعي تبارك البيع والشراء وتبيح الغفلة بين البائع والمشتري.
كثير من المسيرين استبدلوا سياراتهم وفيلاتهم ونمط عيشهم بعدما اغتنوا من “تاشناقت”، والشيء الوحيد الذي لم يطرأ عليه تغيير هو الجشع الساكن في دواخلهم.
باسم حب الفريق وروح الانتماء، يستفيدون من دعم الجامعة والمجالس المنتخبة وإيرادات الجمهور، فيغرقون السوق بلاعبين محليين ومستوردين يفقدون بريقهم بمجرد استكمال عملية البيع ويصبحون زبناء غرف المنازعات وأصدقاء أعوان التبليغ.
يراهن المضاربون على دعم حكومي إبان فتح “ميركاتو” الكرة، يمنون النفس بإعفاء ضريبي على الأقدام المستوردة، ومعاملة بالمثل مع مستوردي المواشي والأبقار. بل منهم من ذهب إلى حد المطالبة بفتح “ميركاتو” ربيعي في شهر مارس من كل سنة لبيع ما تبقى من بضاعة.
لمواجهة إعصار الجشع والحد من توغل المضاربين في عالم الكرة، ظهر تيار يطالب بإلغاء “ميركاتو” اللاعبين، على غرار قرار إلغاء شعيرة عيد الأضحى وما ترتب عنه من إجلاء لجحافل “الشناقة” وشل تحركاتهم.
لكل مجال “شناقته” الذين يتناسلون في الأزمات، في قطاع النقل العمومي يرفعون الأسعار مستغلين الأعياد والمناسبات فيضربون جيوب المواطنين بلا رحمة ولا شفقة. ولم يسلم متجر مصري شهير في حي المعاريف متخصص في بيع الحلويات والألبان، من غارة مضاربين محترفين وآخرين في طور التمرين استغلوا الإقبال الكبير على المتجر فمارسوا هوايتهم.
هناك “شناقة” يحملون الصفة الدولية يرابطون غير بعيد عن السفارات والقنصليات، يتاجرون في مواعيد التأشيرات، لا فرق عندهم بين لاهث وراء “فيزا” سياحية وراغب في العلاج.
في جميع القطاعات “الهوتة” هي كلمة السر، مع إمكانية وضع ثلاث نقط فوق السين.