غزة- سمير كنعان
هو الأسطورة الأيقونة المايسترو، هو العبقري الملك الرمز، هو كل ما تحب أن تسميه، زين الدين زيدان النجم الفرنسي الذي صنع -كلاعبٍ- تاريخاً مرصّعاً بالذهب حافلاً بالألقاب والعروض المميزة والأداء المبهر مع اليوفي سيد إيطاليا ومع الملكي ريال مدريد بدرجة أكبر، كما أدخل منتخب فرنسا تاريخ البطولات العالمية والقارية، لدرجةٍ استطاعَ أنْ يُنسيهم جوهرتهم الأزليّة “بلاتيني”، بلْ وجعل شعوب العرب تهتف لفرنسا التي احتلتهم قبل زمن ليس بالبعيد.!!
بعدما كان الطلاق بين المدرب الأسباني “رافا بينيتيز” والقلعة البيضاء المدريدية، كان لابدّ من حبيب يطمئن النفس ليكون بديلاً حاسماً يرقّع ما خرقته حقبة “الطباخ بينيتيز”، وهل هناك أفضل من زيزو!!
لكنّ الواقعية تفرض نفسها، فــ”زيدان” ليس ساحراً ليصحّحَ الأوضاع برمشة عين، ولا يمكنه محْوَ السيئات الموجودة في صفحة الفريق بسرعة خاطفة، خاصة وأنه ليس اسماً كبيراً بين عالم المدربين، لكنّ الأملَ الذي علّقَه عشاق الميرينغي على بطلهم وجعلهم يتشبثون به كبيرٌ جداً، خاصة وأنه تتَـلْمذَ على يد أعظم المدربين بالعالم أبرزهم الإيطالي الخبير “مارتشيلو ليبي” والأسباني المخضرم “دل بوسكي”، كما عملَ مساعداً للمحنك “آنشيلوتي” الذي خسره الريال بقرار متسرع غير مسئول من الإدارة، ناهيك عن أنه درّب الريال الرديف.
وتكمن أهمية المدرب الجديد “زيدان” في خمس نقاط أو خمس نجوم:
الأولى: أنَّ التغيير كان حتمياً للمدرب السابق بعد الكوارث الكروية التي سببها، وعلى البديل أن يكون أحد رموز وأساطير النادي لمحاولة انتشاله من حالة الضياع، وتجعله قريباً من اللاعبين كي يستنفر طاقاتهم، وكفانا بزيدان رمزاً خالداً.
الثانية: مهما كنتَ لاعباً عظيماً ومحبوباً ولك من الأرقام ما ليس لغيرك، فأنت قزمٌ أمام شموخ وقيمة وتاريخ “زيدان” لدى الجماهير الملكية، وهذا يُلغي أي محاولة للتمرّد داخل البيت المدريدي مهما كانت وممّن تكون.!!
الثالثة: الاستقرار الإداري المهم للفريق، حيث لن يتجرّأ رئيس النادي بإقالة زيدان مبكراً مهما كانت النتائج سيئة، بل إنه سيفكر كثيراً قبل محاولة المساس بهذا الصرح الكروي المتمثّل في هيئة زيزو، خاصة وهو يعلم تماماً مقدار عشق الجماهير لنجمها الذي طالما رسم المتعة على الوجوه.
الرابعة: بث الطمأنينة في قلوب اللاعبين بالميدان وحتى أثناء خوض المران معهم، وإعادة الثقة لمن خانته الظروف، وتحسين قدرات البعض ممن يحتاج الخبرة والمهارة، والحفاظ على البعض من الخروج يائساً من الفريق.
الخامسة: قيمته ستبرز أيضاً في الانتداب والتعاقدات، فكم لاعباً في العالم يستطيع رفضَ عرضٍ من الأسطورة “زيدان” للتعاقد معه في الريال، كما أنَّ حقبته مع الريال الرديف جعلته مطلعاً تماماً على ناشئي وأشبال الميرنغي، ليتمّ تصعيد المميزين منهم للفريق الأول فيصبحوا نجومَ المستقبل بأقل تكاليف ممكنة لخزينة النادي.
وعن مقارنته بنظيره الكتالوني “جواريولا” مع البرشا فالأمور تختلف من حيث الانسجام ووضع الفريق، والفترة الحساسة التي يمرّ بها النادي، وتوقيت الصفقة بمنتصف الموسم استكمالاً لطريقٍ بدأته مدريد بشكلٍ خاطئ.
الأهمّ هو أنّ التسرّع بالحكم على نجاح أو فشل “زيزو” كـمدرب سابقٌ لأوانه، فالوقت هو الحكم الفيصل بهذا الموضوع، فالغد القريب سيثبتُ صحة القرار من عدمه، وقد يخدمُ زيدان -بعضَ الشيء- قلةُ الضغوط عليه وحالةُ فقدان الأمل من الألقاب لهذا الموسم. فإن خسر “زيزو” الألقاب المتاحة، لنْ يمسَّ أسطورته وحبَّ جمهوره شائبة، في حين لو استطاع قلب الطاولة على الجميع وحصد الألقاب (غير المستحيلة) فإنه يفتح لنفسه أبواب التاريخ التي لم يدخلها كثيرون قبله ولنْ تُغلقَ أبداً.!!